التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ أُلۡقِيَ عَلَيۡهِ أَسۡوِرَةٞ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَآءَ مَعَهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ مُقۡتَرِنِينَ} (53)

ثم أضاف إلى ذلك قوله - كما حكى القرآن عنه : { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ الملائكة مُقْتَرِنِينَ } .

والأسورة : جمع سوار ، وهو كناية عن تمليكه ، وكانوا إذا ملكوا رجلا عليهم ، جعلوا فى يديه سوارين ، وطوقوه بطوق من ذهب ، علامة على أنه ملكهم .

أى : فهلا لو كان موسى ملكا أو رسولا ، أن يحلى نفسه بأساور من ذهب ، أو جاء إلينا ومعه الملائكة محيطين به ، ومتقارنين معه ، لكى يعينوه ويشهدوا له بالنبوة .

ولا شك أن هذه الأقوال التى تفوه بها فرعون ، تدل على شدة طغيانه ، وعلى عظم غروره ، وعلى استغلاله الضخم لغفلة قومه وسفاهتهم وضعفهم .

ورحم الله الإِمام ابن كثير فقد قال ما ملخصه : وهذا الذى قاله فرعون - لعه الله - كذب واختلاق ، وإنما حمله على هذا الكفر والعناد ، وهو ينظر إلى موسى - عليه السلام - بعين كافرة شقية ، وقد كان موسى من الجلالة والعظمة والبهاء فى صورة يبهر أبصار ذوى الألباب .

وقوله : { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } افتراء - أيضا - فإنه وإن كان قد أصاب لسانه فى حال صغره شئ من جهة تلك الجمرة ، فقد سأل ربه أن يحل عقدة من لسانه ، فاستجاب الله - تعالى - له وفرعون إنما أراد بهذا الكلام ، أن يروج على رعيته ، لأنهم كانوا جهلة أغبياء . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَلَوۡلَآ أُلۡقِيَ عَلَيۡهِ أَسۡوِرَةٞ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَآءَ مَعَهُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ مُقۡتَرِنِينَ} (53)

26

فلولا ألقى عليه أسورة من ذهب ? . .

هكذا . من ذلك العرض التافه الرخيص ! أسورة من ذهب تصدق رسالة رسول ! أسورة من ذهب تساوي أكثر من الآيات المعجزة التي أيد الله بها رسوله الكريم ! أم لعله كان يقصد من إلقاء أسورة الذهب تتويجه بالملك ، إذ كانت هذه عادتهم ، فيكون الرسول ذا ملك وذا سلطان ?

( أو جاء معه الملائكة مقترنين ) . .

وهو اعتراض آخر له بريق خادع كذلك من جانب آخر ، تؤخذ به الجماهير ، وترى أنه اعتراض وجيه ! وهو اعتراض مكرور ، ووجه به أكثر من رسول !