التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (9)

{ ثُمَّ سَوَّاهُ } أى : هذا المخلوق الذى أوجده من طين ، أو من ماء مهين . والمراد : ثم عدل خلقه ، وسوى شكله ، وتناسب بين أعضائه ، وأتمه فى أحسن صورة . . .

{ وَنَفَخَ فِيهِ } - سبحانه - { مِن رُّوحِهِ } أى : من قدرته ورحمته ، التى صار بها هذا الإِنسان إنساناً كاملا فى أحسن تقويم .

وإضافة الروح إليه - تعالى - للتشريف والتكريم لهذا المخولق ، كما فى قولهم بيت الله .

{ وَجَعَلَ لَكُمُ } بعد ذلك { السمع } الذى تسمعون به { والأبصار } التى تبصرون بها ، { والأفئدة } التى تعقلون بها ، وتحسون الأشياء بواسطتها .

وقوله : { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } بيان لموقف بنى آدم من هذه النعم المتكاثرة والمتنوعة . ولفظ " قليلاً " منصوب على أنه صفة لمحذوف وقع معمولاً لتشكرون .

أى : شكراً قليلاً تشكرون ، أو زماناً قليلاً تشكرون .

وهكذا بنو آدم - إلا من عصم الله - ، أوجدهم الله - تعالى - بقدرته ، وسخر لمنفعتهم ومصلحتهم ما سخر من مخلوقات ، وصانهم فى كل مراحل خلقهم بأنواع من الصيانة والحفظ . . ومع ذلك فقليل منهم هم الذين يشكرونه - عز وجل - على نعمه . وصدق - ستبحانه - حيث يقول : { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشكور }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { ثُمّ سَوّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلاً مّا تَشْكُرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ثم سوّى الإنسان الذي بدأ خلقه من طين خلقا سويا معتدلاً ، ونَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ فصار حيا ناطقا وَجَعَلَ لَكُمُ السّمْعَ والأبْصَارَ والأفْئِدَةَ ، قَلِيلاً ما تشْكُرُونَ يقول : وأنعم عليكم أيها الناس ربكم بأن أعطاكم السمع تسمعون به الأصوات ، والأبصار تبصرون بها الأشخاص والأفئدة ، تعقلون بها الخير من السوء ، لتشكروه على ما وهب لكم من ذلك . وقوله : قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ يقول : وأنتم تشكرون قليلاً من الشكر ربكم على ما أنعم عليكم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡـِٔدَةَۚ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (9)

{ ثم سواه } قومه بتصوير أعضائه على ما ينبغي . { ونفخ فيه من روحه } إضافة إلى نفسه تشريفا له وإشعارا بأنه خلق عجيب ، وأن له شأنا له مناسبة ما إلى الحضرة الربوبية ولأجله قيل من عرف نفسه فقد عرف ربه . { وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة } خصوصا لتسمعوا وتبصروا وتعلقوا . { قليلا ما تشكرون } تشكرون شكرا قليلا .