التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{ثُمَّ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ عَامٞ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعۡصِرُونَ} (49)

وقوله { ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذلك عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ الناس وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } تبشير لهم بأن الخير سيأتيهم ، بعد تلك السنوات الشداد ، فقد جرت سنة الله - تعالى - أن يعقب العسر باليسر .

ولفظ { يغاث } من الغوث بمعنى إزالة الهم والكرب عن طريق الأمطار التي يسوقها الله - تعالى - لهم بعد تلك السنوات الشداد التي قل فيها المطر .

يقال : غاث الله - تعالى - البلاد غيثا ، إذا ساق لها المطر بعد أن يئسوا من نزوله ، ويعصرون من العصر وهو الضغط على ما من شأنه أن يعصر ، لإِخراج ما فيه من مائع سواء كان هذا المائع زيتاً أم ماء أم غيرهما .

أى : ثم يأتى من بعد تلك السنين السبع الشداد ، عام فيه تزول الهموم والكروب ونقص الأموال عن الناس ، بسبب إرسال الله - تعالى - المطر عليهم ، فتخضر الأرض وتنبتمن كل زوج بهيج ، وفيه يعصرون من ثمار مزروعاتهم ما من شأنه أن يعصر كالزيتون وما يشبهه .

وهذا كناية عن بدء حلول الرخاء بهم ، بعد تلك السنوات الشداد ، وما قاله يوسف - عليه السلام - عن هذا العام الذي يأتى في أعقاب السنوات السبع الشداد ، لا مقابل له في رؤيا الملك ، بل هو خارج عنها ، وذلك لزيادة التبشير لملك والناس ، ولإِفهامهم أن هذا العلم إنما بوحى من الله - تعالى - الذي يجب أن يخلص له الجميع العبادة والطاعة .

وإلى هنا نرى أن يوسف - عليه السلام - قد فسر رؤيا الملك تفسيرا سليما حكيما ، من نتائجه الخير للملك وقومه . . .

فماذا فعل الملك مع يوسف - عليه السلام - بعد ذلك ؟