النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{ثُمَّ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ عَامٞ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعۡصِرُونَ} (49)

قوله عز وجل : { ثم يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث الناس } فيه وجهان :

أحدهما : يغاثون بنزول الغيث ، قاله ابن عباس .

الثاني : يغاثون بالخصب ، حكاه ابن عيسى .

{ وفيه يعصرون } فيه خمسة تأويلات :

أحدها : يعصرون العنب والزيتون من خصب الثمار ، قاله مجاهد وقتادة .

الثاني : أي فيه يجلبون المواشي من خصب المراعي ، قاله ابن عباس .

الثالث : يعصرون السحاب بنزول الغيث وكثرة المطر ، من قوله تعالى

{ وأنزلنا من المعصرات ماءً ثجَّاجاً }{[1482]} . قاله عيسى بن عمر الثقفي .

الرابع : تنجون ، مأخوذ من العُصْرة وهي المنجاة ، قاله أبو عبيدة والزجاج ، ومنه قول الشاعر{[1483]} :

صادياً يستغيث غير مغاث *** ولقد كان عُصْرَة المنجود{[1484]}

الخامس : تحسنون وتفضلون ، ومنه قول الشاعر{[1485]} :

لو كان في أملاكنا ملك *** يعصر فينا مثل ما تعصر

أي يحسن : وهذا القول من يوسف غير متعلق بتأويل الرؤيا وإنما هو استئناف خبر أطلقه الله تعالى عليه من آيات نبوته .


[1482]:آية 14 النبأ.
[1483]:هو أبو زبيد قال ذلك في رثاء ابن أخته وقد كان مات عطشا في طريق مكة.
[1484]:المنجود: الفزع.
[1485]:هو طرفة بن العبد. وفي اللسان: واحد بدلا من ملك.