محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ثُمَّ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ عَامٞ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعۡصِرُونَ} (49)

[ 49 ] { ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون 49 } .

{ ثم يأتي من بعد ذلك } أي السنين الموصوفة بالشدة ، وأكل الغلال المدخرة { عام فيه يغاث الناس } أي يمطرون من الغيث ، أو يغاثون من القحط ، أو يرفع عنهم مكروهه من الغوث { وفيه يعصرون } أي ما كانوا يعصرونه على عادتهم من عنب وزيتون ونحوهما .

قال أبو السعود : والتعرض لذكر ( العصر ) ، مع جواز الاكتفاء عنه بذكر ( الغيث ) المستلزم له عادة ، كما اكتفي به عن ذكر تصرفهم في الحبوب ، إما لأن استلزام الغيث له ليس كاستلزامه للحبوب ، إذ المذكورات يتوقف صلاحها على مبادئ أخر غير المطر . وإما لمراعاة جانب المستفتي باعتبار حالته الخاصة به ، بشارة له ، وهي التي يدور عليها حسن موقع تغليبه على الناس ، في القراءة بالفوقانية . وقيل : معنى { يعصرون } يحلبون الضروع . انتهى .

واللفظ بعموم معناه يشمله ، لأن الحلب فيه عصر الضرع ليخرج الدّر .

قال الزمخشري : تأويل البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة ، والعجاف واليابسات بسنين مجدبة ، ثم بشرهم بعد الفراغ من تأويل الرؤيا بأن العام الثامن يجيء مباركا خصيبا ، كثير الخير ، غزير النعم ، وذلك جهة الوحي .

تنبيه :

قال في ( الإكليل ) : هذه الآية من أصول التعبير . وفيها أيضا صحة رؤيا الكفار ، وجواز تسميته ملكا ، وأن قولنا ( الرؤيا لأول عابر ) ليس عاما في كل رؤيا ، لأنهم قالوا : { أضغاث أحلام } ، ولم تسقط بقولهم ذلك ، فتخص القاعدة بما يحتمل من الرؤيا وجوها فيعبر بأحدها ، فيقع عليه . وفي قوله : { ثم يأتي من بعد ذلك عام . . . } الخ زيادة على ما وقع السؤال عنه ، فيستدل به على أنه لا بأس بذلك في تعبير الرؤيا والفتوى . انتهى .