ثم وصفهم - سبحانه - بخمس صفات كريمة من شأنها أن تحمل العقلاء على التأسي بهم فقال : { الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار } .
وفي كل صفة من صفاتهم دليل على قوة إيمانهم ، وإذعانهم للحق حق الإذعان . فهم صابرون ، والصبر في البأساء والضراء وحين البأس من أكبر البراهين على سلامة اليقين ، وقد حث القرآن أتباعه على التحلي بهذه الصفة في أكثر من سبعين موضعا . وهم صادقون ، والصدق من أكمل الصفات الإنسانية وأشرفها ، وقد أمر الله عباده أن يتحلوا به في كثير من آيات كتابه ، ومن ذلك قوله - تعالى - { ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَكُونُواْ مَعَ الصادقين } وهم قانتون ، والقانت هو المداوم على طاعة الله - تعالى - غير متململ منها ولا متبرم بها ، ولا خارج على حدودها . فالقنوت يصور الإذعان المطلق لرب العالمين .
وهم منفقون أموالهم في طاعة الله - تعالى - ، وبالطريقة التى شرعها وأمر بها . وهم مستغفرون بالأسحار . أى يسألون الله - تعالى - أن يغفر لهم خطاياهم فى كل وقت ، ولا سيما في الأسحار .
والأسحار جمع سحر وهو الوقت الذى يكون قبل الفجر . روى مسلم في صحيحه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل ربنا - عز وجل - إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول : أنا الملك من ذا الذى يدعوني فأستجيب له ، من ذا الذى يسألني فأعطيه ، من ذا الذى يستغفرني فأغفر له ، فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر " .
وخص وقت الأسحار بالذكر لأن النفس تكون فيه أصفى ، والقلب فيه أجمع ، ولأنه وقت يستلذ فيه الكثيرون النوم فإذا أعرض المؤمن عن تلك اللذة وأقبل على ذكر الله كانت الطاعة أكمل وأقرب إلى القبول .
وبهذا نرى أن الآيات الكريمة قد كشفت عن المشتهيات التي يميل إليها الناس في دنياهم بمقتضى فطرتهم ، وأرشدتهم إلى ما هو أسمى وأعلى وأبقى من ذلك وبشرتهم برضوان الله وجناته ، متى استقاموا على طريقه ، واستجابوا لتعاليمه ، { والله يَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.