السحر : بفتح الحاء وسكونها ، قال قوم منهم الزجاج : الوقت قبل طلوع الفجر ، ومنه يقال : تسحر أكل في ذلك الوقت ، واستحر : سار فيه قال .
بكرن بكوراً واستحرت بسحرة *** فهنّ لوادي الرس كاليد للفم
واستحر الطائر صاح وتحرك فيه قال :
يعل به برد أنيابها *** اذا غرّد الطائر المستحر
وأسحر الرجل واستحر ، دخل في السحر قال :
وأدلج من طيبة مسرعاً *** فجاء إلينا وقد أسحرا
وقال بعض اللغويين السحر : من ثلث الليل الآخر إلى الفجر ، وجاء في بعض الأشعار عن العرب أن السحر يستمر حكمه فيما بعد الفجر .
وقيل : السحر عند العرب يكون من آخر الليل ثم يستمر إلى الاسفار .
وأصل السحر الخفاء للطفه ، ومنه السحر والسحر .
{ الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار } لما ذكر الإيمان بالقول ، أخبر بالوصف الدّال على حبس النفس على ما هو شاق عليها من التكاليف ، فصبروا على أداء الطاعة ، وعن اجتناب المحارم ، ثم بالوصف الدال على مطابقة الاعتقاد في القلب للفظ الناطق به اللسان ، فهم صادقون فيما أخبروا به من قولهم : { ربنا إننا آمنا } وفي جميع ما يخبرون .
وقيل : هم الذين صدقت نياتهم ، واستقامت قلوبهم وألسنتهم في السر والعلانية ، وهذا راجع للقول الذي قبله ، ثم بوصف القنوت ، وتقدم تفسيره في قوله : { كل له قانتون } فأغنى عن إعادته ، ثم بوصف الإنفاق ، لأن ما تقدم هو من الأوصاف التي نفعها مقتصر على المتصف بها لا يتعدى ، فأبى في هذا بالوصف المتعدي إلى غيره ، وهو الإنفاق ، وحذفت متعلقات هذه الأوصاف للعلم بها ، فالمعنى : الصابرين على تكاليف ربهم ، والصادقين في أقوالهم ، والقانتين لربهم ، والمنفقين أموالهم في طاعته ، والمستغفرين الله لذنوبهم في الأسحار ولما ذكر أنهم رتبوا طلب المغفرة على الإيمان الذي هو أصل التقوى ، أخبر أيضاً عنهم ، أنهم عند اتصافهم بهذه الأوصاف الشريفة ، هم مستغفرون بالأسحار ، فليسوا يرون اتصافهم بهذه الأوصاف الشريفة مما يسقط عنهم طلب المغفرة ، وخص السحر بالذكر ، وإن كانوا مستغفرين دائماً ، لأنه مظنة الإجابة ، كما صح في الحديث : « أنه تعالى ، تنزه عن سمات الحدوث ، ينزل حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر » وكانت الصحابة : ابن مسعود ، وابن عمر ، وغيرهم يتحرون الأسحار ليستغفروا فيها ، وكان السحر مستحباً فيه الإستغفار لأن العبادة فيه أشق ، ألا تراهم يقولون : إن إغفاءة الفجر من ألذ النوم ؟ ! ولأن النفس تكون إذ ذاك أصفى ، والبدن أقل تعباً ، والذهن أرق وأحد ، إذ قد أجم عن الأشياء الشاقة الجسمانية والقلبية بسكون بدنه ، وترك فكره بانغماره في وارد النوم .
وقال الزمخشري : إنهم كانوا يقدمون قيام الليل ، فيحسن طلب الحاجة فيه { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } انتهى .
ومعناه ، عن الحسن وهذه الأوصاف الخمسة هي لموصوف واحد وهم : المؤمنون ، وعطفت بالواو ولم تتبع دون عطف لتباين كل صفة من صفة ، إذ ليست في معنى واحد ، فينزل تغاير الصفات وتباينها منزلة تغاير الذوات فعطفت .
وقال الزمخشري : والواو المتوسطة بين الصفات للدلالة على كمالهم في كل واحدة منها .
انتهى ولا نعلم العطف في الصفة بالواو يدل على الكمال .
قال المفسرون في الصابرين : صبروا عن المعاصي .
وقيل : ثبتوا على العهد الأول .
وقالوا في الصادقين : في الأقوال .
وقيل : في القول والفعل والنية .
وقالوا في القانتين : الحافظين للغيب .
وقال الزجاج : القائمين على العبادة .
وقالوا في المنفقين : المخرجين المال على وجه مشروع .
وقالوا في المستغفرين : السائلين المغفرة ، قاله ابن عباس وقال ابن مسعود وابن عمر ، وأنس ، وقتادة السائلين المغفرة وقت فراغ البال وخفة الأشغال ، وقال قتادة أيضاً : المصلين بالأسحار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.