التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (2)

ثم ذكر - سبحانه - صفات أخرى من صفاته الجليلة فقال : { لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .

أى . له - سبحانه - وحده دون أن يشاركه مشارك ، ملك السموات والأرض ، إذ هو - تعالى - المتصرف فيهما ، والخالق لهما ، إن شاء أبقاهما وإن شاء أزالهما .

وملكه - سبحانه - للسموات والأرض ، ملك حقيقى ، لأنه لا ينازعه فيه منازع ، ولا يشاركه مشارك . . . بخلاف ملك غيره لبعض متاع الدنيا ، فإنه ملك زائل مهما طال ، ومفتقر إلى من يحميه ويدافع عنه .

وقوله : { يُحْيِي وَيُمِيتُ } صفة أخرى من صفاته - عز وجل - أى : هو الخالق للحياة لمن شاء أن يحييه ، وهو الخالق للموت لمن أراد أن يميته .

وهذه الجملة خبر لمبتدأ محذوف ، وهى فى الوقت نفسه بدل اشتمال مما قبلها إذ الإحياء والإمانة ، مما يشتمل عليه ملك السموات والأرض .

وخص - سبحانه - هاتين الصفتين بالذكر ، لأنه هو المتفرد بهما ، ولا يستطيع أحد أن يدعى أن له عملا فيهما ، ومن ادعى ذلك كانت دعواه من قبيل المغالطة والمجادلة بالباطل ، إذ الموجد الحقيقى لهما هو الله - عز وجل - وما سواه فهو سبب لهما .

وقوله - تعالى - : { وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } تذييل مؤكد لما قبله . أى : وهو - سبحانه - على كل شىء من الأشياء التى من جملتها ما ذكر - قدير على إيجادها أو إعدامها .