الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مِّن وَرَآئِهِۦ جَهَنَّمُ وَيُسۡقَىٰ مِن مَّآءٖ صَدِيدٖ} (16)

وقوله : { مِّن وَرَائِهِ } [ إبراهيم : 16 ] .

قال الطبري وغيره : معناه مِنْ أمامه ، وعلى ذلك حملوا قوله تعالى : { وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ } [ الكهف : 79 ] ، وليس الأمر كما ذكروا ، بل الوَرَاءُ هنا وهنَاكَ على بابه ، أي : هو ما يأتي بَعْدُ في الزمان ، وذلك أن التقدير في هذه الحَوَادِثِ بالأَمَامِ والوراءِ ، إِنما هو بالزَّمَانِ ، وما تقدَّم فهو أمام ، وهو بَيْن اليد ؛ كما نقول في التوراة والإِنجيل : إنهما بيْنَ يدَي القرآن ، والقرآنُ وراءهم ، وعلَى هذا فما تأخَّر في الزمَانِ فهو وراء المتقدِّم ، { ويسقى مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ } : «الصديد » : القَيْح والدمُ ، وهو ما يسيلُ من أجْسَادِ أهْلِ النَّار ؛ قاله مجاهد والضَّحَّاك .