فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{مِّن وَرَآئِهِۦ جَهَنَّمُ وَيُسۡقَىٰ مِن مَّآءٖ صَدِيدٖ} (16)

{ مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ ( 16 ) } .

{ مِّن وَرَآئِهِ } أي من بعده { جَهَنَّمُ } والمراد بعد هلاكه على أن وراء هنا بمعنى بعد : ومثله قوله تعالى : { ومن ورائه عذاب غليظ } أي من بعده ، كذا قال الفراء . وقيل من ورائه أي من أمامه قال أبو عبيدة : هو من أسماء الأضداد لأن أحدهما ينقلب إلى الآخر ، ومنه قوله تعالى : { وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا } أي أمامهم ، وبه قال قرطب .

وقال الأخفش : هو كما يقال هذا الأمر من ورائك أي سوف يأتيك وأنا من وراء فلان أي في طلبه .

وقال النحاس : من ورائه أي من أمامه ، وليس من الأضداد ، ولكنه من توارى أي استتر فصارت جهنم من ورائه لأنها لا ترى . وحكى مثله ابن الأنباري وقال ثعلب : هو اسم لما توارى عنك سواء كان خلفك أو قدامك .

{ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ } أي يلقى فيها ويسقى ، والصديد ما يسيل من جلود أهل النار ولحومهم واشتقاقه من الصد لأنه يصد الناظرين عن رؤيته وهو دم مختلط بقيح يسيل من جلد الكافر ولحمه .