إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{مِّن وَرَآئِهِۦ جَهَنَّمُ وَيُسۡقَىٰ مِن مَّآءٖ صَدِيدٖ} (16)

{ من وَرَائِهِ جَهَنَّمُ } أي بين يديه فإنه مُرصَدٌ لها واقفٌ على شفيرها في الدنيا مبعوثٌ إليها في الآخرة ، وقيل : من وراء حياتِه وحقيقتِه ما توارى عنك { ويسقى } معطوف على مقدر جواباً عن سؤال سائلٍ ، كأنه قيل : فماذا يكون إذن ؟ فقيل : يلقى فيها ويُسقى { مِن ماء } مخصوصٍ لا كالمياه المعهودة { صَدِيدٍ } وهو قيحٌ أو دمٌ مختلط بمِدّة{[464]} يسيل من الجرح ، قال مجاهد وغيره : هو ما يسيل من أجساد أهلِ النار ، وهو عطفُ بيانٍ لما أُبهم أولاً ثم بُيّن بالصديد تهويلاً لأمره وتخصيصُه بالذكر من بين عذابِها يدور على أنه من أشدّ أنواعِه .


[464]:المدة (بكسر الميم): القيح.