تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مِّن وَرَآئِهِۦ جَهَنَّمُ وَيُسۡقَىٰ مِن مَّآءٖ صَدِيدٖ} (16)

الآية 16 : وقوله تعالى : { من ورائه جهنم } أي من وراء عذاب الدنيا لهم عذاب جهنم . وقوله : { من ورائه جهنم } الوراء قد يستعمل في أمام وخلف ، أي من أمام ما حل بهم جهنم . ويحتمل : وراء ما أصابهم ما ذكر .

وقوله تعالى : { ويسقى من ماء صديد } أي يسقى في جهنم صديدا مكان ما يسقون في الدنيا ، وهو الذي يسيل من القروح .

جعل الله للكافرين في الآخرة مكان ما كان لهم في الدنيا لباسا وشرابا وطعاما ما كانت تكرهه أنفسهم .

جعل مكان ما يسقون في الدنيا من الماء في النار الصديد والغِسلين الحميم ، ومكان الطعام في الدنيا في النار الزَّقوم والضَّريع ، ومكان اللباس القطران ونحوه ، ومكان القرين والصديق في الدنيا يجعل قرينه الشيطان كقوله : { ومن يعشُ عن ذِكر الرحمان نُقيِِّض له شيطانا فهو له قرين } [ الزخرف : 36 ] .

كان{[9530]} ذلك كله يمنعهم عن دين الله ، ويصدهم عن ذكره ، وكان{[9531]} جزاؤهم من نوع ما كان يمنعهم في الدنيا عن طاعته .

ثم قال بعضهم : إن الصديد [ الذي يُسقون هو أن النَّار تجرحهم ، وتُقرِّحهم ، فيسيل من ذلك الصديد ]{[9532]} فيسقون من ذلك . فقال بعضهم : لا ، ولكن يجعل شرابهم فيه{[9533]} صديد [ لا ]{[9534]} كشراب أهل الجنة وطعامهم من غير أصل .

وقوله تعالى : { ويسقى من ماء صديد } يحتمل{[9535]} { ويسقى من ماء } في ظنهم ماء ، وهو في الحقيقة والظاهر صديد ، لكن يشربون رجاء أن يدفع عطشهم .


[9530]:في الأصل وم: أنه.
[9531]:في الأصل وم: ليكون.
[9532]:من م، ساقطة من الأصل.
[9533]:في الأصل وم: فيها.
[9534]:ساقطة من الأصل وم.
[9535]:في الأصل وم: ويحتمل.