الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ} (17)

وقوله : { يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ } [ إبراهيم : 17 ] .

عبارةٌ عن صعوبة أمره عليهم ، وروي أنَّ الكافر يؤتَى بالشَّرْبة من شراب أهْل النَّار ، فيتكَّرهها ، فإِذا أدنيَتْ منه ، شَوَتْ وجهه ، وسقَطَتْ فيها فروة رأسِهِ ، فإِذا شربها ، قَطَّعت أمعاءه ، وهذا الخبر مفرَّق في آيات من كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ ، { وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلِّ مَكَانٍ } ، أي : مِنْ كل شعرة في بَدَنِهِ ، قاله إِبراهيمُ التَّيْمِيُّ ، وقيل : مِنْ جميع جهاته السِّتِّ ، { وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ } : لا يراحُ بالموت .

{ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } : قال الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ العذابُ الغليظ : حَبْسُ الأنفاسِ في الأجسادِ .

وفي الحديث : ( تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ تَكَلَّمُ بِلَسَانٍ طَلِقٍ ذَلِقٍ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرُ بِهِمَا ، وَلَهَا لِسَانٌ تَكَلَّمُ بِهِ ، فَتَقُولُ : إِنِّي أُمِرْتُ بِمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إلها آخَرَ ، وبِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وبِمَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ ، فَتَنْطَلِقُ بِهِمْ قَبْلَ سَائِرِ النَّاسِ بِخَمْسِمِائَةِ عَامٍ ، فتنطوي علَيْهم ، فتقذفُهُمْ في جهنَّم ) ، خرَّجه البزَّار ، انتهى من «الكوكب الدري » .