الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادٗا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَٰتُ رَبِّي وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدٗا} (109)

وأما قوله سبحانه : { قُل لَّوْ كَانَ البحر مِدَاداً لكلمات رَبِّي } [ الكهف : 109 ] فروي أن سبب الآية أنَّ اليهود قالَتْ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : كَيْفَ تَزْعُمُ أنَّكَ نَبِيُّ الأُمَمِ كُلَّها وأنَّكَ أُعُطِيتَ مَا يَحْتَاجُهُ النَّاسُ مِنَ الْعِلْمِ ، وأَنْتَ مُقَصِّرٌ ، قَدْ سُئِلْتَ عَنْ الرُّوحِ ، فَلَمْ تُجِبْ فيهِ ، ونحو هذا من القول ؛ فأنزل اللَّه الآية مُعْلِمَةً باتساع معلوماتِ اللَّه عزَّ وجلَّ ، وأنها غير متناهية ، وأن الوقوف دونها ليس ببدْعٍ ، فالمعنى : لو كان البحْرُ مداداً تكتب به معلوماته تعالى ، لنَفِدَ قبل أنْ يستوفيها ، «وكلمات ربِّي » هي المعاني القائمة بالنَّفْس ، وهي المعلوماتُ ، ومعلوماتُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ لا تتناهى ، والبحر متناهٍ ضرورةً .

وذكر الغَزَّالِيُّ في آخر «المنهاج » أن المفسِّرين يقولون في قوله تعالى : { لَنَفِدَ البحر قَبْلَ أَن تَنفَدَ كلمات رَبِّي } إن هذه هي الكلماتُ التي يقولُ اللَّه عزَّ وجلَّ لأهْلِ الجَنَّةِ في الجَنَّة باللُّطْفِ والإِكرام ، مما لا تكيِّفه الأوهام ، ولا يِحُيطُ به عِلْمُ مخْلوقِ ، وحُقَّ أنْ يكون ذلك كذلك ، وهو عطِاءُ العزيز العليم ؛ على مقتضى الفَضْل العظيم ، والجود الكريمِ ، أَلاَ لِمِثْلِ هذا فليعملِ العَامِلُونَ . انتهى .

وقوله : { مَدَداً } [ الكهف : 109 ] .

أي زيادة . ( ت ) : وكذا فسَّره الهَرَوِيُّ ولفظه : وقوله تعالى : { وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } ، أي زيادة انتهى .