الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِنَّ مِنۡهُمۡ لَفَرِيقٗا يَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (78)

وقوله تعالى : { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بالكتاب . . . } [ آل عمران :78 ] . ( يَلْوُونَ ) معناه : يحرِّفون ويتحيَّلون ، لتبديل المعانِي ، من جهة اشتباه الألفاظ واشتراكها ، وتشعُّب التأويلات كقولهم : { راعنا } [ البقرة : 104 ] ، { واسمع غَيْرَ مُسْمَعٍ } [ النساء : 46 ] ونحو ذلك ، وليس التبديلُ المحْضُ بِلَيٍّ ، وحقيقةُ اللَّيِّ في الثِّيَابِ والحِبَالِ ونحوها ، وهو فَتْلُها وإراغتها ، ومنه : لَيُّ العُنُق ، ثم استعمل ذلك في الحُجَج ، والخُصُوماتِ ، والمُجَادلاتِ ، و( الكِتَابُ ) في هذا الموضع : التوراةُ ، والضميرُ في ( تَحْسَبُوهُ ) للمسلمين .

وقوله : { وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ الله } نفْيٌ أنْ يكون منزَّلاً من عند اللَّه ، كما ادعوا ، وهو من عند اللَّه ، بالخَلْق ، والاختراع ، والإيجاد ، ومنهم بالتكسُّبِ .