ولما نسبهم إلى الكذب عموماً نبه على نوع خاص{[18044]} منه هو أكذب الكذب فقال : { وإن منهم لفريقاً } أي جبلوا على الفرقة ، فهم لا يزالون يسعون في التفريق{[18045]} { يلوون } أي يفتلون ويحرفون{[18046]} { ألسنتهم بالكتاب } بأن ينقلوا{[18047]} اللسان لتغيير{[18048]} الحرف{[18049]} من مخرج إلى آخر - مثلاً بأن يقولوا في{ اعبدوا الله{[18050]} }[ المائدة : 72 وغيرها ] : اللات ، وفي
{ لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق }[ الأنعام : 151 ] بالحد ، وفي " من زنى فارجموه " فارحموه{[18051]} بالمهملة ، أو فحمموه ، أو اجلدوه{[18052]} - ونحو هذا .
ولما كان كلام الله سبحانه وتعالى لما له من الحلاوة والجلالة لا يلبس{[18053]} بغيره إلا على{[18054]} ضعيف العقل ناقص الفطرة عبر بالحسبان تنفيراً{[18055]} عن السماع منهم وتنبيهاً{[18056]} على بعد{[18057]} ما يسمعه{[18058]} الإنسان من غيره فقال :
{ لتحسبوه{[18059]} } أي الذي لوى{[18060]} به اللسان فحرف{[18061]} { من الكتاب } أي{[18062]} المنزل من عند الله ، ولما علم بهذه أنه ليس منه نبه على أنه في غاية البعد عنه فقال{[18063]} : { ما هو من الكتاب } أعاده{[18064]} ظاهراً تصريحاً بالتعميم .
ولما كان{[18065]} إيهامهم{[18066]} هذا من الجرأة بمكان أعلم سبحانه وتعالى أنهم {[18067]}تجاوزوا{[18068]} إلى ما هو أعظم منه فصرحوا بما أوهموه فقال : { ويقولون } أي مجددين التصريح بالكذب في كل وقت بأن يقولوا{[18069]} { وهو من عند الله } أي المحيط بجميع صفات الكمال ، ثم صرح بكذبهم بقوله - مبعداً لما لووا به ألسنتهم عن أن يكون فيه ثبوت{[18070]} حق مظهراً في موضع الإضمار لأن الاسم الذي لم{[18071]} يشارك فيه أحد بوجه{[18072]} أنص{[18073]} على المراد وأنفى لكل احتمال : { وما هو } أي الذي لووا{[18074]} به ألسنتهم حتى أحالوه عن حقيقته { من عند الله } أي الذي له الإحاطة العامة ، فما لم يكن من عنده فلا حق فيه بوجه من الوجوه ، لا بكونه من الكتاب{[18075]} ولا من غيره .
ولما بين بهذا كذبهم على الله سبحانه وتعالى تصريحاً بعد أن قدم في الآية الأولى بيانه بما يظن تلويحاً أخبر بأن ذلك عادة لهم ، لا يقفون{[18076]} منه{[18077]} عند عد{[18078]} ، ولا ينحصرون فيه بحد ، فقال : { ويقولون على الله } أي الحائز{[18079]} لجميع العظمة جرأة منهم { الكذب } أي العام{[18080]} كما قالوا عليه هذا الكذب الخاص ، ولما كان الكذب قد يطلق على ما لم يتعمد ، بل وقع خطأ احترز عنه بقوله : { وهم يعلمون * } أي{[18081]} أنه كذب ، لا يشكون فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.