فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِنَّ مِنۡهُمۡ لَفَرِيقٗا يَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (78)

( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون76 )

( وإن منهم لفريقا ) أي طائفة من اليهود ( يلوون ألسنتهم بالكتاب ) أصل اللي الميل والفتل ، تقول لوى برأسه إذا أماله ، ولويت عنقه أي فتلته ، والمصدر اللي والليان ثم يطلق اللي على المراوغة في الحجج والخصومة تشبيها للمعاني بالإجرام ، قاله السمين أي يميلون ويحرفون ويعدلون به عن القصد ويعطفون ، وتحريف الكلام تقليبه عن وجهه لأن المحرف يلوي لسانه عن سنن الصواب بما يأتي به من عند نفسه .

والألسنة جمع لسان ، وهذا على لغة من يذكره ، وأما على لغة من يؤنثه فيقول هذه لسان فإنه يجمع على ألسن ، وقال الفراء لم نسمعه من العرب إلا مذكرا ، ويعبر باللسان عن الكلام لأنه ينشأ منه وفيه ويجري فيه أيضا التذكير والتأنيث .

( لتحسبوه ) أي لتظنوا أن المحرف الذي جاؤوا به ( من الكتاب ) ألذي أنزله الله على أنبيائه ( وما هو ) أي الذي حرفوه وبدلوه ( من الكتاب ) في الواقع وفي اعتقادهم أيضا ، والجملة حالية ( ويقولون ) على طريقة التصريح لا بالتورية والتعريض مع ذكر من اللي والتحريف ( هو ) أي المحرف

( من عند الله ) الحال أنه ( وما هو من عند الله ) إنما كرر هذا بلفظين مختلفين مع اتحاد المعنى لأجل التأكيد ( ويقولون على الله الكذب ) أي الأعم مما ذكر من التحريف واللي ( وهم يعلمون ) أنهم كاذبون مفترون .

قال ابن عباس نزلت في اليهود والنصارى جميعا ، وذلك أنهم حرفوا التوراة والإنجيل وألحقوا في كتاب الله ما ليس منه .