الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلۡجَهۡرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ إِلَّا مَن ظُلِمَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} (148)

قوله تعالى : { لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسوء مِنَ القول إِلاَّ مَن ظُلِمَ . . . } [ النساء :148 ] . قراءة الجمهور بضَمِّ الظاء ، وقرئ شاذاً بفتحها ، واختلف على قراءة الجمهورِ ، فقالَتْ فرقةٌ : المعنى : لا يحبُّ اللَّه أنْ يَجْهَرَ أحدٌ بالسوء من القَوْل إلا مَنْ ظُلِم ، فلا يُكْرَهُ له الجَهْرُ به ، ثم اختلفتْ هذه الفرقةُ في كيفيَّةِ الجَهْر بالسُّوء ، وما هو المباحُ منه ، فقال ابنُ عَبَّاس ، وغيره : لا بأسَ لِمَنْ ظُلِمَ أنْ ينتصر ممِنْ ظلمه بمثْلِ ظُلْمِهِ ، ويَجْهَرَ له بالسُّوء من القَوْل ، أي : بما يوازي الظَّلاَمَةَ ، وقال مجاهد ، وغيره : نزلَتْ في الضَّيْفِ المُحَوَّلِ رَحْلُه ، فإنَّه رُخِّصَ له أنْ يجهر بالسُّوءِ من القول ، للذي لم يُكْرِمْهُ ، يريد : بقَدْر الظلمِ والظُّلاَمةِ ، وفي «صحيحِ البخاريِّ » ، عن أبي هريرة ، قال : قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ، فَلا يُؤْذِي جَارَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أوْ لِيَصْمُتْ ) انتهى .

( وسميعٌ عليمٌ ) : صفتان لائِقَتَان بالجَهْر بالسوء ، وبالظلم أيضاً ، فإنه يعلمه ويجازي علَيْه .