قوله تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ . . . } [ النساء :65 ] .
قال الطبريُّ قوله : ( فَلاَ ) : رَدٌّ على ما تقدَّم ، تقديره : فلَيْسَ الأَمْرُ كما يَزْعُمُونَ أنهم آمنوا بما أُنْزِلَ إلَيْكِ ، ثم استأنف القَسَمَ ، وقال غيره : إنما قَدَّم ( لا ) على القَسَم ، اهتماما بالنهْي ، وإظهاراً لقوته ، قال ابنُ عطاءِ اللَّه في «التنوير » : وفي قوله سبحانه : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } : دلالةٌ على أنَّ الإيمان الحقيقيَّ لا يحصُلُ إلا لمن حَكَّمَ اللَّهَ ورسولَهُ على نَفْسه ، قولاً وفعلاً ، وأَخْذاً وتَرْكاً ، وحُبًّا وبُغْضاً ، فتبيَّن لك من هذا أنه لا تَحْصُلُ لك حقيقةُ الإيمانِ باللَّهِ إلاَّ بأمْرَيْنِ : الامتثالِ ِلأمْرِهِ ، والاستسلامِ لِقَهْرِهِ سبحانه ، انتهى .
و{ شَجَرَ } : معناه اختلط والتف مِنْ أمورهم ، وهو مِنَ الشَّجَرِ ، شبه بالتفاف الأغصان ، والحَرَجُ : الضِّيقُ والتكلُّف والمشقَّة ، قال مجاهد : حَرَجاً : شَكًّا .
وقوله : { تَسْلِيماً } مصدرٌ مؤكِّدٌ مُنْبِئ عن التحقيقِ في التَّسْليمِ ، لأنَّ العرب إنَّما تردفُ الفعْلَ بالمصَدرِ ، إذا أرادَتْ أنَّ الفعْلَ وقَعَ حقيقةً ، كما قال تعالى : { وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً }[ النساء : 164 ] قال مجاهد ، وغيره : المرادُ بهذه الآية مَنْ تقدَّم ذكره ممَّن أراد التحاكُمَ إلى الطاغُوتِ ، وفيهِمْ نَزَلَتْ ، ورجَّح الطبريُّ هذا ، لأنه أشبه بنَسَقِ الآية ، وقالَتْ طائفة : نزَلَتْ في رَجُلٍ خَاصَمَ الزُّبَيْر بْنَ العَوَّام في السَّقْيِ بماءِ الحَرَّةِ ، كما هو مذكورٌ في البخاريِّ وغيره ، وأنَّ الزُّبَيْر قالَ : فَمَا أَحْسِبُ أنَّ هذه الآيةَ نَزَلَتْ إلاَّ في ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.