الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{كَلَّآۖ إِنَّا خَلَقۡنَٰهُم مِّمَّا يَعۡلَمُونَ} (39)

وقوله تعالى : { كَلاَّ } رَدُّ لقولِهم وَطَمَعِهم ، أي : ليس الأمْرُ كذلك ، ، ثم أخبرَ تَعَالَى عَنْ خَلْقِهِم من نطفةٍ قَذِرَةٍ ، وأحالَ في العبارةِ عَلى عِلْمِ الناسِ ، أي : فمن خُلِقَ من ذلكَ فَلَيْسَ بنفسِ خَلْقِهِ يُعْطَى الجنةَ ، بلْ بالإيمَانِ والأَعْمَالِ الصالحةِ . ورَوَى ابن المباركِ في «رقائقه » قال : أخبرنا مالك بن مغول ؛ قال : سمعت أبا ربيعة يحدِّثُ عن الحسن ؛ قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " كُلُّكُم يُحِبُّ أنْ يُدْخَلَ الجَنَّةُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاءَكَ ، قَالَ : فَأَقْصِرُوا مِنَ الأَمَلِ ، وثَبِّتُوا آجَالَكُمْ بَيْنَ أَبْصَارِكُمْ ، واسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُلُّنَا نَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ ، قَالَ : لَيْسَ كَذَلِكَ الحَيَاءُ ، ولكن الحَيَاءَ مِنَ اللَّهِ أَلاَّ تَنْسَوُا المَقَابِرَ والبلى ، وَلاَ تَنْسَوُا الجَوْفَ وَمَا وعى ، وَلاَ تَنْسَوُا الرَّأْسَ وَمَا حوى ، وَمَنْ يَشْتَهِي كَرَامَةَ الآخِرَةِ يَدَعُ زِينَةَ الدُّنْيَا ، هُنَالِكَ استحيا الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ ، هُنَالِكَ أصَابَ وِلاَيَةَ اللَّهِ " ، انتهى . وقد روِّينَا أكْثَرَ هَذا الحدِيثِ ، من طريقِ أبي عيسى الترمذي ، وباقي الآيةِ تَقَدَّم تفسيرُ نظيرِه .