لما قال المستهزئون : إن دخل هؤلاء الجنَّة كما يقولُ محمدٌ فلندخلنَّها قبلهم ، أجابهم الله - تعالى - بقوله : { كَلاَّ } لا يدخلونها ، ثم ابتدأ فقال : { إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ } أي : أنهم يعلمون أنهم مخلوقون من نُطفةٍ ، ثم من علقة ، ثم كما خلق سائر جنسهم ، فليس لهم فضلٌ يستوجبون به الجنة ، وإنما يستوجب بالإيمان ، والعمل الصالح ، ورحمة الله تعالى .
وقيل : كانوا يستهزئون بفقراء المسلمينَ ويتكبرون عليهم ، فقال : { إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِّمَّا يَعْلَمُونَ } ، أي : من القذر ، فلا يليقُ بهم هذا التكبرُ .
وقال قتادة في هذه الآيةِ : إنَّما خلقت يا ابن آدم من قذرٍ فاتَّقِ اللَّهَ{[57954]} .
وروي أنَّ مطرف بن عبد الله بن الشِّخيرِ ، رأى المهلَّب بن أبي صفرة يتبختر في مطرف خَزّ وجُبة خَزّ ، فقال له : يا عبد الله ، ما هذه المشية التي يبغضها الله ؟ .
فقال له : أتعرفني ، قال : نعم ، أوّلك نطفةٌ مذرةٌ ، وآخرك جيفةٌ قذرةٌ ، وأنت تحمل العذرةَ ، فمضى المهلَّب وترك مشيته{[57955]} .
قال ابن الخطيب{[57956]} : ذكروا في تعلق هذه الآية بما قبلها وجوهاً :
أحدها : لما احتج على صحة البعث دل على أنهم كانوا منكرين للبعث ، فكأنه قيل لهم : كلا إنكم منكرون للبعث فمن أين تطمعون بدخولِ الجنَّة .
وثانيها : أنَّ المستهزئين كانوا يستحقرون المؤمنين - كما تقدّم - فقال تعالى : إنَّ هؤلاء المستهزئين مخلوقون مما خلقوا ، فكيف يليق بهم هذا الاحتقار ؟ .
وثالثها : أنَّهم مخلوقون من هذه الأشياء المستقذرة ، ولم يتصفوا بالإيمانِ ، والمعرفةِ ، فكيف يليق بالحكمة إدخالهم الجنة ؟ .
وقيل : معنى قوله : { خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ } ، أي : مراحل ما يعلمون وهو الأمر والنَّهي والثوابُ والعقابُ .
4873 - أأزْمَعْتَ من آلِ لَيْلَى ابْتِكَارا*** وشَطَّتْ على ذِي هَوَى أنْ تُزَارَا{[57957]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.