فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (281)

275

{ واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } يعظ الله تعالى عباده ويحذرهم الآخرة { يوما } هو يوم القيامة وتنكيره للتهويل ، [ وقوله { إلى الله } فيه مضاف محذوف تقديره إلى حكم الله ]{[841]} . { ثم توفى } تعطى كاملا { كل نفس } مكلفة { ما كسبت } ما عملت أي جزاء ما عملت { وهم لا يظلمون } واحذروا أيها الناس يوما ترجعون فيه إلى الله فتلقونه فيه أن تردوا عليه بسيآت تهلككم أو بمخزيات تخزيكم أو بفضحات تفضحكم فتهتك أستاركم أو بموبقات توبقكم فتوجب لكم من عقاب الله ما لا قبل لكم به وإنه يوم مجازاة الأعمال لا يوم استيعاب ولا يوم استقالة وتوبة وإنابة ، ولكنه يوم جزاء وثواب ومحاسبة ، كيف يظلم من جوزي بالإساءة مثلها وبالحسنة عشر أمثالها ؟ كلا بل عدل عليك أيها المسيء وتكرم عليك فأفضل وأسبغ أيها المحسن فاتقى امرؤ ربه فأخذ منه حذره وراقبه أن يهجم عليه يومه ، وهو من الأوزار ظهره ثقيل ومن صالحات الأعمال خفيف وإنه عز وجل حذر فأعذر ووعظ فأبلغ عن ابن عباس : آخر آية عن النبي صلى الله عليه وسلم { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله } ، وعن ابن جرير : يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال وبدا يوم السبت ومات يوم الاثنين ، عن عامر أن عمر رضي الله عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإنه والله ما أدري لعلنا نأمركم بأمر لا يصلح لكم وما أدري لعلنا ننهاكم عن أمر يصلح لكم وإنه كان من آخر القرآن تنزيل آيات الربا فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبينه لكم فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم ، وفي رواية سعيد ابن المسيب عنه بزيادة فدعوا الربا والريبة .


[841]:ما بين العلامتين [] من فتح القدير للشوكاني.