الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (281)

{ وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ } قرأ أبو بحرية وابو عمرو وسلام ويعقوب : { تُرْجَعُونَ } بفتح التاء واعتبروا بقراءة أُبيّ ( فاتقوا يوماً تصيرون فيه إلى الله ) . وقرأ الآخرون بضمّ التاء إعتباراً بقراءة عبد الله . ( واتقوا يوماً تُردّون فيه إلى الله ) . { ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى : { وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ } قال : هذه آخر آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جبرائيل : ضعها على رأس ثمانين ومائتين من البقرة .

سفيان عن عاصم عن الشعبي عن ابن عباس قال : [ هذه ] آخر آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فصل في تفصيل آخر ما نزل من القرآن

قال المفسّرون : " لمّا نزلت هذه الآية { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ } [ الزمر : 30 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليتني أعلم متّى يكون ذلك " فأنزل الله تعالى سورة النصر ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة يسكت من التكبير والقراءة فيقول فيها : " سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه " فقيل : إنّك لم تكن تقوله يا رسول الله قبل هذا ، قال : " إنّها نفسي نعيت إلي " ثمّ بكى بكاء شديداً فقيل : يا رسول الله أو تبكي من الموت وقد عفا الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر ، قال : فأين هول المطلع فأين ضيق القبر وظلمة اللحد فأين القيامة والأهوال " فعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ثم لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حجّة الوداع نزلت عليه في الطريق { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ } [ النساء : 176 ] إلى آخرها فسمّى آية الصيف . ثم نزل عليه وهو واقف بعرفة { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [ المائدة : 3 ] الآية فعاش بعدها أحداً وثمانين يوماً ، ثم نزلت عليه آيات الربا ، ثم نزلت بعدها { وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ } وهي آخر آية نزلت من السماء ، فعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أحدا وعشرين يوماً .

قال ابن جريج : تسع ليال . سعيد بن جبير ومقاتل : سبع ليال ثم مات يوم الأثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأوّل حين زاغت الشمس سنة أحدى عشرة من الهجرة وأحدى من مُلك أردشير شيرون بن أبرويز بن هرمز بن نوشروان .