الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (281)

قوله تعالى : { تُرْجَعُونَ فِيهِ } : هذه الجملةُ في محلِّ نصبٍ صفةً للظرفِ . وقرأ أبو عمرو : " تَرْجِعُون " بفتح التاء مبنياً للفاعل ، والباقون مبنياً للمفعول . وقرأ الحسن : " يَرْجِعُون " بياء الغيبة على الالتفاتِ . قال ابن جني : " كأنَّ اللَّهَ تعالى رَفَقَ بالمؤمنين عن أَنْ يواجِهَهُم بذكرِ الرَّجْعَةِ إذ هي مِمَّا تتفطَّر لها القلوب فقال لهم : " واتقوا " ثم رَجَعَ في ذكرِ الرجعة إلى الغَيْبَةِ فقال : " يَرْجِعُون " .

قوله : { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } جملةٌ حاليةٌ من " كلِّ نفس " وجُمِعَ اعتباراً بالمعنى ، وأعادَ الضميرَ عليها أولاً مفرداً في " كَسَبَتْ " اعتباراً باللفظِ ، وقُدِّمَ اعتبارُ اللفظ ، لأنه الأصلُ ، ولأنَّ اعتبارَ المعنى وَقَعَ رأسَ فاصلة فكان تأخيرُهُ أحْسَنَ .

قال أبو البقاء : " ويجوزُ أن يكونَ حالاً من الضمير في : " يُرْجَعُون " على القراءةِ بالياء ، ويجوزُ أن يكونَ حالاً منه أيضاً على القراءة بالتاء ، على أنه خروجٌ من الخطابِ إلى الغَيْبة كقوله تعالى : { حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم } [ يونس : 22 ] ، ولا ضرورةَ تَدْعُوا إلى ما ذكر .