فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَقَدۡ قَالَ لَهُمۡ هَٰرُونُ مِن قَبۡلُ يَٰقَوۡمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِۦۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحۡمَٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوٓاْ أَمۡرِي} (90)

{ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي { 90 ) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى { 91 ) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا { 92 ) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي { 93 ) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي { 94 ) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ { 95 ) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي { 96 ) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا { 97 ) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا { 98 ) }

{ ولقد قال لهم هارون من قبل } تحقيق وقسم ، لتقرير وتوكيد أن هارون عليه السلام قد قاوم الضلالة فور ظهورها : { يا قوم إنما فتنتم به } ونبههم إلى أنهم خدعوا قال لعبدة العجل من بني إسرائيل هارون من قبل رجوع موسى إليهم : . . . إنما اختبر الله إيمانكم ، ومحافظتكم على دينكم ، بهذا العجل الذي أحدث فيه الخوار ، ليعلم به الصحيح الإيمان منكم من المريض القلب الشاك في دينه-{[2057]} ؛ زجرهم عن الباطل ثم ذكرهم بالرشد وناداهم إليه : { وإن ربكم الرحمن فاتبعوني } تذكروا واستيقنوا أن معبودكم وخالقكم ووليكم ليس العجل بل هو الله الرحمن الذي رحمكم وكشف عنكم الضر وأنجاكم من عدوكم [ ومن فوائد تخصيص هذا الاسم بالمقام أنهم إن تابوا . . فإن الله يرحمهم ويقبل توبتهم ]{[2058]} ؛ فاعبدوا الله الذي أعبد ، ولا تتبعوا سبيل المفسدين ، بل اتبعوا نبيكم ، فإني رسول رب العالمين الملك الحق المبين ، { وأطيعوا أمري } ولا تطيعوا أمر الفتانين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم ، لكن النبي لا يأمر إلا بالقسط ، وطاعته من طاعة الله فأطيعون ؛ وهيهات أن يرجع المفتون : { . . . ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك لم يرد الله أن يطهر قلوبهم . . . ){[2059]} فأصروا واستكبروا استكبارا .


[2057]:ما بين العارضتين من جامع البيان.
[2058]:ما بين العلامتين [ ] من تفسير غرائب القرآن.
[2059]:سورة المائدة. من الآية 41