{ إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب( 6 )وحفظا من كل شيطان مارد( 7 )لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب( 8 )دحورا ولهم عذاب واصب( 9 )إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب( 10 ) } .
خالق السماوات والأرض وما بينهما ، وخالق كل شيء ومليكه ومدبره ، وولي مطالع الكواكب من حيث يبدو رأي العين جهة ظهورها ، هو الذي زين السماء الدنيا القريبة منا بالكواكب تستضيء الأرض بها وتزدان السماء ، كما جاء في قوله تعالى : { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين . . }{[3894]} ؛ وكذا الآيات الكريمة : { ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين . وحفظناها من كل شيطان رجيم }{[3895]} ؛ وكأن التقدير وحفظناها حفظا من كل جني عات متمرد ، بعد عن الحق ، وتعرى عن الخيرات ؛ لئلا يصلوا إلى حيث قد يتسنى لأحدهم أن يستمع إلى حديث السماء ومن فيها من سكانها الملائكة ، وهم الجمع العلوي من الخلق في مقابلة العالم السفلي سكان الأرض ، ويرمون ويرجمون من أي صوب وناحية من السماء يتجهون حيالها ابتغاء استراق السمع ، فيظلون ممنوعين منها مطرودين مدفوعين عنها ، ولهم عذاب دائم مقيم ؛ وهو كما قال ربنا جل ثناؤه : { . . وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير }{[3896]} ؛ إلا من اختطف من الشياطين الكلمة يسمعها من السماء فإن لهبا من السماء ينقض عليه يتوقد فيحرقه . مما في صحيح مسلم-رحمه الله- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : . . . انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا : ما لكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشهب قالوا : ما ذاك إلا من شيء حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة وهووا بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه الفجر ، فلما سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا : هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء ، فرجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا . . { إنا سمعنا قرآنا عجبا . يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بعبادة بربنا أحدا ){[3897]} فأنزل الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم : قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن . . }{[3898]} " ، [ وإنما كانوا من قبل كالمتجسسة من الإنس ، يبلغ الواحد منهم حاجته ولا يبلغها غيره ، ويسلم واحد ولا يسلم غيره ، بل يقبض عليه ويعاقب وينكّل ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد في حفظ السماء ، وأعدت لهم شهب لم تكن من قبل ، ليدحروا عن جميع جوانب السماء ، ولا يقروا في مقعد من المقاعد التي كانت لهم منها . . .
وروي في هذا الباب أحاديث صحاح ، مضمنها : أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء ، فتقعد للسمع واحدا فوق واحد ، فيتقدم الأجسر نحو السماء ثم الذي يليه ، فيقضي الله تعالى الأمر من أمر الأرض ، فيتحدث به أهل السماء ، فيسمعه منهم الشيطان الأدنى ، فيلقيه إلى الذي تحته فربما أحرقه شهاب ، وقد ألقى الكلام ، وربما لم يحرقه . . فتنزل تلك الكلمة إلى الكهان ، فيكون معها مائة كذبة ، وتصدق تلك الكلمة فيصدق الجاهلون الجميع . . . فلما جاء الله بالإسلام حرست السماء بشدة ، فلا يفلت شيطان سمع بتة . ]{[3899]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.