{ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ } ما صحّ لهم ما استقام { أَن يَعْمُرُواْ مساجد الله } يعني المسجد الحرام ، لقوله : { وَعِمَارَةَ المسجد الحرام } وأما القراءة بالجمع ففيها وجهان ، أحدهما : أن يراد المسجد الحرام ، وإنما قيل مساجد لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها ؛ فعامره كعامر جميع المساجد ، ولأن كل بقعة منه مسجد . والثاني : أن يراد جنس المساجد ، وإذا لم يصلحوا لأن يعمروا جنسها ، دخل تحت ذلك أن لا يعمروا المسجد الحرام الذي هو صدر الجنس ومقدمته وهو آكد ، لأنّ طريقته طريقة الكناية ، كما لو قلت : فلان لا يقرأ كتب الله ، كنت أنفى لقراءته القرآن من تصريحك بذلك . و { شاهدين } حال من الواو في { يَعْمُرُواْ } والمعنى : ما استقام لهم أن يجمعوا بين أمرين متنافيين : عمارة متعبدات الله ، مع الكفر بالله وبعبادته . ومعنى شهادتهم على أنفسهم بالكفر : ظهور كفرهم وأنهم نصبوا أصنامهم حول البيت ، وكانوا يطوفون عراة ويقولون : لا نطوف عليها بثياب قد أصبنا فيها المعاصي ، وكلما طافوا بها شوطاً سجدوا لها . وقيل : هو قولهم لبيك لا شريك لك إلاّ شريك هو لك تملكه وما ملك . وقيل : قد أقبل المهاجرون والأنصار على أسارى بدر فعيروهم بالشرك ، فطفق عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يوبخ العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطيعة الرحم ، وأغلظ له في القول . فقال العباس : تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا . فقال : أو لكم محاسن ؟ قالوا : نعم ونحن أفضل منكم أجراً . إنا لنعمر المسجد الحرام . ونحجب الكعبة ، ونسقي الحجيج ونفك العاني ، فنزلت { حَبِطَتْ أعمالهم } التي هي العمارة والحجابة والسقاية وفك العناة . وإذا هدم الكفر أو الكبيرة الأعمال الثابتة الصحيحة إذا تعقبها ، فما ظنك بالمقارن . وإلى ذلك أشار في قوله : { شاهدين } حيث جعله حالاً عنهم ودلّ على أنهم قارنون بين العمارة والشهادة بالكفر على أنفسهم في حال واحدة ، وذلك محال غير مستقيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.