الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَا كَانَ لِلۡمُشۡرِكِينَ أَن يَعۡمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِم بِٱلۡكُفۡرِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ وَفِي ٱلنَّارِ هُمۡ خَٰلِدُونَ} (17)

قوله : { ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله } ، إلى قوله : { المهتدين }[ 17 ، 18 ] .

والمعنى : ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله{[28346]} ؛ لأنهم ليسوا ممن يذكر الله ، والمساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة ، فليس لهم أن يعمروها .

{ شاهدين على أنفسهم }[ 17 ] .

فيه ثلاث تأويلات :

أحدها : أن فيما يقولونه ويفعلونه دليل على كفرهم ، كما يدل على إقرارهم ، فكأن ذلك منهم شهادتهم على أنفسهم . قاله الحسن{[28347]} .

والثاني : شهادتهم على رسولهم بالكفر ؛ لأنهم كذبوه وأكفروه وهو{[28348]} من أنفسهم . قاله الكلبي{[28349]} .

والثالث : ما ذكره في الكتاب{[28350]} ، وهم يشهدون على أنفسهم بالكفر ؛ لأنهم يقال للرجل منهم : أيش أنت ؟ فيقول : نصراني ، يهودي ، صابئ ، مشرك{[28351]} .

{ أولئك حبطت أعمالهم }[ 17 ] .

في الدنيا ، أي : بطلت وذهبت ، إذ لم تكن لله ، عز وجل ، وكانت للشياطين{[28352]} .

{ وفي النار هم خالدون }[ 17 ] .

أي : ماكثون أبدا ، لا أحياء ولا أمواتا{[28353]} .


[28346]:جامع البيان 14/165. من: إلى قوله...إلى: مساجد الله ساقط من "ر"، بسبب انتقال النظر.
[28347]:تفسير الماوردي 2/346.
[28348]:في الأصل: وهو أنفسهم، ولا يستقيم به المعنى، وصوابه في تفسير الماوردي 2/347. وفي المختار/كفر: "أكفره: دعاه كافرا، يقال لا تكفر أحدا من أهل قبلتك، أي: لا تنسبه إلى الكفر".
[28349]:تفسير الماوردي 2/347.
[28350]:من الآية المفسرة إلى هنا، ساقط من "ر".
[28351]:وهو قول السدي كما في جامع البيان 14/166، وتفسير ابن أبي حاتم 6/1765، بتصرف وينظر: زاد المسير 3/408.
[28352]:جامع البيان 14/166، بتصرف.
[28353]:جامع البيان 14/166. وفي الأصل: ولا أموات، وهو خطأ ناسخ.