قوله تعالى : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله } : " أن يَعْمروا " اسم كان . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " مسجد الله " بالإِفراد/ وهي تحملُ وجهين : أن يُراد به مسجدٌ بعينه ، وهو المسجد الحرام لقوله : { وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } [ التوبة : 19 ] ، وأن يكون اسمَ جنسٍ فتندرجَ فيه سائرُ المساجد ، ويدخل المسجد الحرام دخولاً أَوَّلِيَّاً . وقرأ الباقون " مساجد " بالجمع ، وهي أيضاً محتملةٌ للأمرين . ووجه الجمع : إمَّا لأنَّ كلَّ بقعةٍ من المسجد الحرام يُقال لها مسجدٌ ، وإمَّا لأنه قبلةُ سائر المساجد ، فصَحَّ أن يُطْلَقَ عليه لفظُ الجمع لذلك .
قوله : { شَاهِدِينَ } الجمهور على قراءته بالياء نصباً على الحال مِنْ فاعل " يَعْمُروا " . وقرأ زيد بن علي " شاهدون " بالواو رفعاً على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ ، والجملةُ حالٌ أيضاً . وقرأ ابن السَّمَيْفع " يُعْمِروا " بضم الياء وكسرِ الميم مِنْ أَعْمَرَ رباعياً ، والمعنى : أن يُعينوا على عمارته .
قوله : { عَلَى أَنْفُسِهِمْ } الجمهورُ على " أنفسهم " جمعَ نَفْس . وقُرىء " أَنْفَسهم " بفتح الفاء ، ووجهُها أن يُراد بالأنْفَس وهو الأشرفُ الأجلُّ ، من النَّفاسة - رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم . قيل : لأنه ليس بَطْنٌ مِنْ بطون العرب إلا وله فيهم وِلدة . وهذا المعنى منقولٌ في تفسير قراءة الجمهور أيضاً ، وهو مع هذه القراءة أوضح .
قوله : { وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ } هذه جملةٌ مستأنفة ، و " في النار " متعلقٌ بالخبر ، وقُدِّم للاهتمام به ، ولأجل الفاصلة . وقال أبو البقاء : " أي : وهم خالدون في النار ، وقد وقع الظرفُ بين حرف العطف والمعطوف " . قلت : فيه نظرٌ من حيث إنه يُوهم أن هذه الجملةَ معطوفةٌ على ما قبلها عَطْفَ المفرد على مثله تقديراً ، وليس كذلك بل هي مستأنفةٌ ، وإذا كان مستأنفةً ، فلا يُقال فيها فَصَلَ الظرف بين حرف العطف والمعطوف ، وإنما ذلك في المتعاطَفْين المفردين أو في تأويلهما ، وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في قوله تعالى : { رَبَّنَآ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً } [ البقرة : 201 ] وفي قوله : { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ } [ النساء : 58 ] .
وقرأ زيد بن علي : " خالدين " بالياء نصباً على الحال من الضمير المستتر في : الجارِّ قبله ، لأنَّ الجارَّ صار خبراً كقولك : " في الدار زيد قاعداً " ، فقد رفع زيد بن علي " شاهدين " ، ونصب " خالدون عكسَ قراءةِ الجمهور فيهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.