{ ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله } أي : ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مسجد الله بدخوله والقعود فيه وخدمته ، فإذا دخل بغير إذن مسلم عزر وإن دخل بإذنه لم يعزر ، لكن لا بد من حاجة فيشترط للجواز الإذن والحاجة ، ويدل على جواز دخول الكافر المسجد بالإذن أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم شد ثمامة بن أثال إلى سارية من سواري المسجد وهو كافر ، وذهب جماعة إلى أنّ المراد منه العمارة المعروفة من بناء المسجد وترميمه عند خرابه فيمنع منه الكافر ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بسكون السين ولا ألف بعدها على التوحيد ، وفي هذا دلالة على أن المراد المسجد الحرام . والباقون بفتح السين ، وألف بعدها على الجمع . وفيه دلالة على أن المراد جميع المساجد ، وقيل : المراد على القراءتين المسجد الحرام ، وإنما جمع لأنه قبلة المساجد وإمامها فعامره كعامر الجميع . وقوله تعالى : { شاهدين على أنفسهم بالكفر } حال من الواو في يعمروا ، أي : ما استقام لهم أن يجمعوا بين أمرين متنافيين عمارة متعبدات الله مع الكفر بالله وبعبادته ومعنى شهادتهم على أنفسهم بالكفر ظهور كفرهم ، قال الحسن : لم يقولوا نحن كفار ، ولكن كلامهم بالكفر شاهد عليهم ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : شهادتهم على أنفسهم بالكفر سجودهم للأصنام ، وذلك أنّ كفار قريش كانوا نصبوا أصنامهم حول البيت ، وكانوا يطوفون بالبيت عراة ويقولون : لا نطوف بثياب قد عملنا فيها المعاصي وكلما طافوا أسبوعاً سجدوا للأصنام فلم يزدادوا من الله إلا بعداً . وقيل : هو قولهم : لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك ، وقال السدي : شهادتهم على أنفسهم بالكفر هو أن النصراني يسأل : من أنت ؟ فيقول : نصراني ، واليهوديّ يقول : يهودي ، والمشرك يقول : مشرك . { أولئك حبطت } أي : بطلت { أعمالهم } أي : الأعمال التي عملوها من أعمال البر وافتخروا بها مثل العمارة والحجابة والسقاية ، وفك العناة مع الكفر لا تأثير لها { وفي النار هم خالدون } لجعلهم الكفر
واحتج أصحابنا بهذه الآية على أنّ مرتكب الكبيرة من أهل الإيمان لا يبقى مخلداً في النار من وجهين : الأوّل قوله تعالى : { وفي النار هم خالدون } يفيد الحصر أي : هم فيها خالدون لا غيرهم ، ولما كان هذا وارداً في حق الكفار ثبت أن الخلود لا يحصل إلا للكافر . الثاني : أنه تعالى جعل الخلود في النار جزاء للكفار عن كفرهم ، فلو كان هذا الحكم جزاء لغير الكافر لما صح تهديد الكافر به . وفي الكشاف : أن الكبيرة تهدم الأعمال وهو جار على مذهبه الفاسد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.