قرأ الجمهور { يَعْمُرُواْ } بفتح حرف المضارعة وضم الميم من عمر يعمر . وقرأ ابن السميفع بضم حرف المضارعة من أعمر يعمر : أي يجعلون لها من يعمرها . وقرأ ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وعطاء بن أبي رباح ، ومجاهد ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن محيصن وسهم ويعقوب { مَسجد الله } الإفراد . وقرأ الباقون { مساجد } بالجمع ، واختارها أبو عبيدة . قال النحاس : لأنها أعمّ ، والخاص يدخل تحت العام ، وقد يحتمل أن يراد بالجمع المسجد الحرام خاصة ، وهذا جائز فيما كان من أسماء الأجناس كما يقال : فلان يركب الخيل وإن لم يركب إلا فرساً قال : وقد أجمعوا على الجمع في قوله : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مساجد الله } وروي عن الحسن البصري أنه تعالى إنما قال : { مساجد } والمراد : المسجد الحرام ، لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها ، فعامره كعامر جميع المساجد . قال الفراء : العرب قد تضع الواحد مكان الجمع كقولهم : فلان كثير الدرهم وبالعكس ، كقولهم فلان يجالس الملوك ولعله لم يجالس إلا ملكاً واحداً . والمراد بالعمارة إما المعنى الحقيقي أو المعنى المجازي ، وهو ملازمته والتعبد فيه ، وكلاهما ليس للمشركين ، أما الأول : فلأنه يستلزم المنة على المسلمين بعمارة مساجدهم ، وأما الثاني : فلكون الكفار لا عبادة لهم مع نهيهم عن قربان المسجد الحرام ، ومعنى : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ } ما صح لهم وما استقام أن يفعلوا ذلك ، و { شاهدين على أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ } حال : أي ما كان لهم ذلك حال كونهم شاهدين على أنفسهم بالكفر ، بإظهار ما هو كفر من نصب الأوثان والعبادة لها ، وجعلها آلهة ، فإن هذا شهادة منهم على أنفسهم بالكفر ، وإن أبوا ذلك بألسنتهم ، فكيف يجمعون بين أمرين متنافيين : عمارة المساجد التي هي من شأن المؤمنين ، والشهادة على أنفسهم بالكفر التي ليست من شأن من يتقرّب إلى الله بعمارة مساجده . وقيل : المراد بهذه الشهادة قولهم في طوافهم : لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك : تملكه وما ملك ؛ وقيل : شهادتهم على أنفسهم بالكفر : أن اليهودي يقول هو يهودي ، والنصراني يقول هو نصراني ، والصابئ يقول هو صابئ ، والمشرك يقول هو مشرك : { أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أعمالهم } التي يفتخرون بها ، ويظنون أنها من أعمال الخير : أي بطلت ولم يبق لها أثر { وَفِى النار هُمْ خالدون } وفي هذه الجملة الإسمية مع تقديم الظرف المتعلق بالخبر تأكيد لمضمونها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.