الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَا يَنفَعُكُمۡ نُصۡحِيٓ إِنۡ أَرَدتُّ أَنۡ أَنصَحَ لَكُمۡ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغۡوِيَكُمۡۚ هُوَ رَبُّكُمۡ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (34)

{ إِن كَانَ الله يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ } جزاؤه ما دلّ عليه قوله : { لاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِى } وهذا الدال في حكم ما دلّ عليه ، فوصل بشرط كما وصل الجزاء بالشرط في قولك : إن أحسنت إليّ أحسنت إليك إن أمكنني .

فإن قلت : فما معنى قوله : { إِن كَانَ الله يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ } ؟ قلت : إذا عرف الله من الكافر الإصرار فخلاه وشأنه ولم يلجئه ، سمى ذلك إغواء وإضلالاً ، كما أنه إذا عرف منه أنه يتوب ويرعوي فلطف به : سمي إرشاداً وهداية . وقيل : { أَن يُغْوِيَكُمْ } أن يهلككم من غوى الفصيل غوي ، إذا بشم فهلك ، ومعناه : أنكم إذا كنتم من التصميم على الكفر بالمنزلة التي لا تنفعكم نصائح الله ومواعظه وسائر ألطافه ، كيف ينفعكم نصحي ؟