{ وَعَلَّمَ ءادَمَ الاسماء كُلَّهَا } واشتقاقهم { ءادَمَ } من الأدمة ، ومن أديم الأرض ، نحو اشتقاقهم ( يعقوب ) من العقب ، و ( إدريس ) من الدرس ، و ( إبليس ) من الإبلاس . وما آدم إلا اسم أعجمي ؛ وأقرب أمره أن يكون على فاعل ، كآزر ، وعازر ، وعابر وشالخ ، وفالغ ، وأشباه ذلك { الأسمآء كُلَّهَا } أي أسماء المسميات فحذف المضاف إليه لكونه معلوماً مدلولاً عليه بذكر الأسماء ، لأن الاسم لا بد له من مسمى ، وعوض منه اللام كقوله : { واشتعل الرأس } [ مريم : 4 ] .
فإن قلت : هلا زعمت أنه حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وأن الأصل : وعلم آدم مسميات الأسماء ؟ قلت : لأن التعليم وجب تعليقه بالأسماء لا بالمسميات لقوله : { أَنبِئُونِى بِأَسْمَاء هَؤُلاء } ، { أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِم } فكما علق الإنباء بالأسماء لا بالمسميات ولم يقل : أنبئوني بهؤلاء ، وأنبئهم بهم ، وجب تعليق التعليم بها .
فإن قلت : فما معنى تعليمه أسماء المسميات ؟ قلت : أراه الأجناس التي خلقها ، وعلمه أن هذا اسمه فرس ، وهذا اسمه بعير ، وهذا اسمه كذا ، وهذا اسمه كذا ، وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية { ثُمَّ عَرَضَهُمْ } أي عرض المسميات . وإنما ذكّر لأن في المسميات العقلاء فغلبهم . وإنما استنبأهم وقد علم عجزهم عن الإنباء على سبيل التبكيت { إِن كُنتُمْ صادقين } يعني في زعمكم أني أستخلف في الأرض مفسدين سفاكين للدماء إرادة للرد عليهم ، وأن فيمن يستخلفه من الفوائد العلمية التي هي أصول الفوائد كلها ، ما يستأهلون لأجله أن يستخلفوا . فأراهم بذلك وبين لهم بعض ما أجمل من ذكر المصالح في استخلافهم في قوله { إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .
وقرىء : «وعُلم آدم » على البناء للمفعول . وقرأ عبد الله : «عرضهن » . وقرأ أُبيّ : «عرضها » . والمعنى عرض مسمياتهن أو مسمياتها : لأن العرض لا يصح في الأسماء .
وقوله : { أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِي أَعْلَمُ غَيْبَ السموات والارض } استحضار لقوله لهم : { إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } ، إلا أنه جاء به على وجه أبسط من ذلك وأشرح .
وقرىء : «أنبيهم » بقلب الهمزة ياء . «وأنبهم » بحذفها والهاء مكسورة فيهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.