{ وَإِذْ } نصب بإضمار اذكر . ويجوز أن ينتصب بقالوا . والملائكة : جمع ملأك على الأصل ، كالشمائل في جمع شمأل . وإلحاق التاء لتأنيث الجمع . و { جَاعِلٌ } من جعل الذي له مفعولان ، دخل على المبتدأ والخبر وهما قوله : { فِى الأرض خَلِيفَةً } فكانا مفعوليه . ومعناه مُصَيّرٌ في الأرض خليفة . والخليفة : من يخلف غيره . والمعنى خليفة منكم ، لأنهم كانوا سكان الأرض فخلفهم فيها آدم وذريته .
فإن قلت : فهلا قيل : خلائف ، أو خلفاء ؟ قلت : أريد بالخليفة آدم . واستغني بذكره عن ذكر بنيه كما استغنى بذكر أبي القبيلة في قولك : مضر وهاشم . أو أريد من يخلفكم ، أو خلفاً يخلفكم فوحد لذلك . وقرىء : «خليقة » بالقاف ويجوز أن يريد : خليفة مني ، لأنّ آدم كان خليفة الله في ارضه وكذلك كلّ نبي { إِنَّا جعلناك خَلِيفَةً في الأرض } [ ص : 26 ] .
فإن قلت : لأي غرض أخبرهم بذلك ؟ قلت : ليسألوا ذلك السؤال ويجابوا بما أجيبوا به فيعرفوا حكمته في استخلافهم قبل كونهم ، صيانة لهم عن اعتراض الشبهة في وقت استخلافهم . وقيل : ليعلم عباده المشاورة في أمورهم قبل أن يقدموا عليها ، وعرضها على ثقاتهم ونصائحهم ، وإن كان هو بعلمه وحكمته البالغة غنيا عن المشاورة { أَتَجْعَلُ فِيهَا } تعجب من أن يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية وهو الحكيم الذي لا يفعل إلا الخير ولا يريد إلا الخير .
فإن قلت : من أين عرفوا ذلك حتى تعجبوا منه وإنما هو غيب ؟ قلت : عرفوه بإخبار من الله ، أو من جهة اللوح ، أو ثبت في علمهم أن الملائكة وحدهم هم الخلق المعصومون ، وكل خلق سواهم ليسوا على صفتهم ، أو قاسوا أحد الثقلين على الآخر حيث أسكنوا الأرض فأفسدوا فيها قبل سكنى الملائكة . وقرىء : «يسفُك » ، بضم الفاء . ويُسفك . ويَسفك ، من أسفك . وسفك . والواو في { وَنَحْنُ } للحال ، كما تقول : أتحسن إلى فلان وأنا أحق منه بالإحسان . والتسبيح : تبعيد الله عن السوء ، وكذلك تقديسه ، من سبح في الأرض والماء . وقدس في الأرض : إذا ذهب فيها وأبعد . و { بِحَمْدِكَ } في موضع الحال ، أي نسبح حامدين لك وملتبسين بحمدك ؛ لأنه لولا إنعامك علينا بالتوفيق واللطف لم نتمكن من عبادتك . { أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي أعلم من المصالح في ذلك ما هو خفي عليكم .
فإن قلت : هلا بين لهم تلك المصالح ؟ قلت : كفى العباد أن يعلموا أن أفعال الله كلها حسنة وحكمة ، وإن خفي عليهم وجه الحسن والحكمة . على أنه قد بين لهم بعض ذلك فيما أَتبعه من قوله { وَعَلَّمَ ءادَمَ الاسماء كُلَّهَا } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.