الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَوۡلَآ إِذۡ سَمِعۡتُمُوهُ قُلۡتُم مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبۡحَٰنَكَ هَٰذَا بُهۡتَٰنٌ عَظِيمٞ} (16)

فإن قلت : كيف جاز الفصل بين لولا وقلتم ؟ قلت : للظروف شأن وهو تنزلها من الأشياء منزلة أنفسها لوقوعها فيها وأنها لا تنفك عنها ، فلذلك يتسع فيها ما لا يتسع في غيرها .

فإن قلت : فأيّ فائدة في تقديم الظرف حتى أوقع فاصلاً ؟ قلت : الفائدة فيه بيان أنه كان الواجب عليهم أن يتفادوا أوّل ما سمعوا بالإفك عن التكلم به ، فلما كان ذكر الوقت أهمّ وجب التقديم .

فإن قلت : فما معنى يكون ، والكلام بدونه متلئب لو قيل : ما لنا أن نتكلم بهذا ؟ قلت : معناه معنى ينبغي ويصحّ ، أي : ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا ، وما يصحّ لنا . ونحوه : ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق . و { سبحانك } للتعحب من عظم الأمر .

فإن قلت : ما معنى التعجب في كلمة التسبيح ؟ قلت : الأصل في ذلك أن يسبح الله عند رؤية العجيب من صنائعه ، ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه أو لتنزيه الله تعالى من أن تكون حرمة نبيه عليه السلام فاجرة .

فإن قلت : كيف جاز أن تكون امرأة النبي كافرة كامرأة نوح ولوط [ عليهما الصلاة والسلام ] ، ولم يجز أن تكون فاجرة ؟ قلت : لأنّ الأنبياء [ عليهم الصلاة والسلام ] مبعوثون إلى الكفار ليدعوهم ويستعطفوهم ، فيجب أن لا يكون معهم ما ينفرهم عنهم ، ولم يكن الكفر عندهم مما ينفر . وأما الكشخنة فمن أعظم المنفرات .