{ ولولا } أي : وهلا ولم لا { إذ } أي : حين { سمعتموه قلتم } من غير توقف ولا تلعثم { ما يكون } أي : ما ينبغي وما يصح { لنا أن نتكلم بهذا } أي : القول المخصوص ويجوز أن تكون الإشارة إلى نوعه فإن قذف آحاد الناس محرم ، فكيف بمن اختارها العليم الحكيم لصحبة أكمل الخلق .
فإن قيل : كيف جاز الفصل بين لولا وقلتم ؟ أجيب : بأن الظروف تنزل من الشيء منزلة نفسه لوقوعه فيها وأنها لا انفكاك لها عنه فلذلك يتسع فيها ما لا يتسع في غيرها .
فإن قيل : أيّ فائدة في تقديم الظرف حتى أوقع فاصلاً ؟ أجيب : بأن الفائدة فيه بيان أنه كان الواجب عليهم أن يذبوا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به فلما كان ذكر الوقت أهم وجب التقديم .
فإن قيل : ما معنى يكون والكلام بدونه ملتئم لو قيل ما لنا أن نتكلم بهذا ؟ أجيب : بأن معناه ينبغي ويصح أي : ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا وما يصح لنا كما تقدم تقريره ، ونحوه { ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق } [ المائدة ، 116 ] ، وقوله تعالى : { سبحانك } تعجب من أن يخطر ذلك بالبال في حال من الأحوال .
فإن قيل : ما معنى التعجب في كلمة التسبيح ؟ أجيب : بأن الأصل في ذلك أن يسبح الله تعالى عند رؤية التعجب من صنائعه ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب ، وقيل : تنزيه ، فهو منزه عن أن يرضى بظلم هؤلاء القذفة ، وعن أن لا يعاقبهم وعن أن تكون حرمة نبيه صلى الله عليه وسلم فاجرة ، قال البيضاوي : فإن فجورها ينفر عنه ويخل بمقصود الزواج بخلاف كفرها فإنه لا ينفر أي : ولهذا كانت امرأة نوح ولوط كافرتين ، وهذا يقتضي حل نكاح الكتابية مع أنها لا تحل له صلى الله عليه وسلم لأنها تكره صحبته ؛ ولأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة بنكاح ولقوله تعالى : { وأزواجه أمهاتهم } [ الأحزاب ، 6 ]
ولا يجوز أن تكون الكافرة أم المؤمنين ، ولخبر «سألت ربي أن لا أزوج إلا من كانت معي في الجنة فأعطاني » رواه الحاكم وصحح إسناده .
أما التسري بالكافرة فلا يحرم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم تسرى بريحانة وكانت يهودية من بني قريظة ولا يشكل تعليلهم السابق من أنه أشرف أن يضع ماءه في رحم كافرة ؛ لأن القصد بالنكاح أصالة التوالد فاحتيط له ، وبأنه يلزم منه أن تكون الزوجة المشركة أم المؤمنين بخلاف الملك فيهما { هذا بهتان } أي : كذب يبهت من يواجه به ويحيره لشدّة ما يفعل في القوى الباطنة ؛ لأنه في غاية الغفلة عنه لكونه أبعد الناس منه ، ثم هونه بقوله { عظيم } لعظمة المبهوت عليه ، فإن حقارة الذنوب وعظمها باعتبار متعلقاتها ، ولما كان هذا كله وعظاً لهم واستصلاحاً ترجمه بقوله : { يعظكم الله } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.