الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{قُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَمَا يُبۡدِئُ ٱلۡبَٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (49)

والحيّ إمّا أن يبدىء فعلاً أو يعيده فإذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة ، فجعلوا قولهم : لا يبدىء ولا يعيد مثلاً في الهلاك . ومنه قول عبيد :

أَقْفَرَ مِنْ أَهْلِهِ عَبِيدُ *** فَالْيَوْمَ لاَ يُبْدِي وَلاَ يُعِيدُ

والمعنى : جاء الحق وهلك الباطل ، كقوله تعالى : { جَاء الحق وَزَهَقَ الباطل } [ الإسراء : 81 ] وعن ابن مسعود رضي الله عنه : دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلثمائة وستون صنماً ، فجعل يطعنها بعود نبعة ويقول : { جَاء الحق وَزَهَقَ الباطل إِنَّ الباطل كَانَ زَهُوقًا } [ الإسراء : 81 ] ، { جَاء الحق وَمَا يُبْدِىء الباطل وَمَا يُعِيدُ } . والحق : القرآن . وقيل : الإسلام . وقيل : السيف . وقيل : الباطل : إبليس لعنه الله ، أي : ما ينشىء خلقاً ولا يعيده ، المنشيء والباعث : هو الله تعالى . وعن الحسن : لا يبدىء لأهله خيراً ولا يعيده ، أي : لا ينفعهم في الدنيا والآخرة . وقال الزجاج : أيّ شيء ينشيء إبليس ويعيده ، فجعله للاستفهام . وقيل للشيطان : الباطل ؛ لأنه صاحب الباطل ؛ أو لأنه هالك كما قيل له : الشيطان ، من شاط إذا هلك .