الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (45)

{ إذا لَقِيتُمْ فِئَةً } إذا حاربتم جماعة من الكفار ، وترك أن يصفها لأن المؤمنين ما كانوا يلقون إلا الكفار . واللقاء اسم للقتال غالب { فاثبتوا } لقتالهم ولا تفرّوا { واذكروا الله كَثِيراً } في مواطن الحرب مستظهرين بذكره ، مستنصرين به ، داعين له على عدوكم : اللهم اخذلهم ، اللهم اقطع دابرهم { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } لعلكم تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة . وفيه إشعار بأنّ على العبد أن لا يفتر عن ذكر ربه أشغل ما يكون قلباً وأكثر ما يكون هما ، وأن تكون نفسه مجتمعة لذلك وإن كانت متوزعة عن غيره . وناهيك بما في خطب أمير المؤمنين عليه السلام في أيام صفين وفي مشاهده مع البغاة والخوارج - من البلاغة والبيان ولطائف المعاني ، وبليغات المواعظ والنصائح - دليلاً على أنهم كانوا لا يشغلهم عن ذكر الله شاغل وإن تفاقم الأمر .