تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (45)

وقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا ) قيل : الفئة اسم جماعة ينحاز إليها ، وهو من الفيء والرجوع ، يفيئون إليها ، ويرجعون . ذكر ههنا الفئة ، وذكر في الآية التي تقدمت : ( إذا لقيتم الذين كفروا زحفا ) مكان الفئة ، ونهى أولئك عن تولية الأدبار بقوله ( فلا تولوهم الأدبار )[ الأنفال : 15 ] وقال ههنا : ( فاثبتوا ) ليعلم أن في النهي عن تولية الأدبار أمرا[ في الأصل وم : أمر ] بالثبات/202-أ/ وفي[ الواو ساقطة من م ] الأمر بالثبات نهيا[ في الأصل وم : نهي ] عن تولية الأدبار [ بقوله ( فلا تولوهم الأدبار )[ الأنفال : 15 ] وقال ههنا ( فاثبتوا )[ من م ، ساقطة من الأصل ] فيكون في النهي عن الشيء أمر بضده ، و الأمر بالشيء نهي عن ضده ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( واذكروا الله كثيرا ) قال أبو بكر الكيساني : قوله : ( واذكروا الله كثيرا ) أي اذكروا الله في ما تعبدكم من طاعته ، ووعدكم من نصره ، ولا تنظروا إلى الكثرة فتظفروا .

ويحتمل قوله : ( واذكروا الله ) في ما لكم من أنفسكم وأموالكم له ، إن شاء أخذها منكم بوجه تتقربون به إلى الله ، فاذكروا الله على ذلك ، وهو ما ذكر [ في ][ ساقطة من الأصل وم ] قوله : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم )الآية[ التوبة : 111 ] .

ويحتمل : ( واذكروا الله كثيرا ) في النعم التي أنعمها عليكم . أو يقول : اذكروا المقام بين يدي رب العالمين ، وذلك يمنعكم[ أدرج قبلها في الأصل وم : بالذي ] من المعاصي والخلاف لأمره وبغض ما يرغبكم عن طاعته ، فيكون على هذا التأويل الأمر بذكر الأحوال .

ويحتمل ذكر الله باللسان ، وذلك بعض ما يستعان به من أمر الحرب ( لعلكم تفلحون ) لكي تفلحوا بالنصر والظفر ، ( تفلحون ) أي تظفرون .