اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (39)

قوله : { قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي } الباء للقسم ، و " مَا " مصدرية ، وجواب القسم { لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ } والمعنى : أقسم بإغوائك إيايّ ، لأزينن ؛ كقوله : { فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } إلاَّ أنه -في هذا الموضع- أقسم بعزة الله –تعالى- وهي من صفاتِ الذات ، وفي قوله : { بِمَا أَغْوَيْتَنِي } ، أقسم بإغواء الله ، وهو من صفات الأفعال ، والفقهاء قالوا : القسم بصفاتِ الذَّات صحيحٌ ، واختلفوا في القسم بصفاتِ الأفعال .

ونقل الواحديُّ –هنا- عن بعضهم : أنَّ الباء –هاهنا- سببية ، أي : بسبب كوني غاوياً ، لأزيننَّ ؛ كقول القائل : " أقْسمَ فُلانٌ بِمعْصِيتهِ ، ليَدْخُلنَّ النَّار ، وبِطاعَتهِ ليَدْخُلنَّ الجَنَّة " .

ومعنى : { أَغْوَيْتَنِي } : أضْللْتَنِي ، وقيل : خَيَّبْتَنِي من رحمتك ، { لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأرض } حبَّ الدنيا ، ومعاصيك .

والضمير في : " لَهُمْ " لذرية آدم -عليه السلام- وإن لم يجر لهم ذكر ؛ للعلم بهم .

و " لأغْوِيَنَّهُمْ " : لأضلَّنَّهُم أجمعين .