اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَٰمٍ ءَامِنِينَ} (46)

قوله : { ادخلوها بِسَلامٍ آمِنِينَ } العامة على وصل الهمزة من : دَخَلَ يَدخُل ، وقد تقدم خلاف القراء في حركة هذا التنوين ، لالتقاءِ السَّاكنين في البقرة : [ 173 ] .

وقرأ{[19544]} يعقوب -رحمه الله- بفتح التنوين وكسر الخاء ، وتوجيهها : أنَّه أمرٌ من : أدْخَلَ يَدْخلُ فلما وقع بعد " عُيونِ " ألقى حركة الهمزة على التنوين ؛ لأنها همزة قطع ثمَّ حذفها ، والأمر من الله –تعالى- ، للملائكةِ ، أي : أدخلوها إياهم .

وقرأ الحسن{[19545]} ، ويعقوب أيضاً : " أُدخِلُوها " ماضياً مبنياً للمفعول ، إلا أنَّ يعقوب ضمَّ التنوين ووجهه : أنه أخذه من أدخل رباعياً ، فألقى حركة همزة القطع على التنوين{[19546]} كما ألقى حركة المفتوحةِ في قراءته الأولى ، والحسن كسرهُ على أصل التقاءِ الساكنين ، ووجهه : أن يكون أجرى همزة القطع مجرى همزة الوصل في الإسقاط .

وقراءة الأمر على إضمار القول ، أي : يقال لأهل الجنَّة : أدخلوها ، أو يقال للملائكة : أدخلوها إياهم ، وعلى قراءة الإخبار يكون مستأنفاً من غير إضمارٍ ، وقوله " بِسَلامٍ " حالٌ : أي : ملتبسين بالسلامة أو مسلماً عليكم .

و " آمنِينَ " حال أخرى ، وهي بدلٌ مما قبلها ، إما بدل كلُ من كلِّ وإما بدل اشتمالِ ؛ لأن الأمن مشتملٌ على التحية أو بالعكسٍ ، والمعنى : أمنين من الموت ، والخروج ، والآفات .

فإن قيل : إن الله –تعالى- [ حكم ]{[19547]} قبل هذه الآية بأنهم في جنات وعيون ، وإذا كانوا فيها فكيف يقال لهم : " ادْخُلُوها " ؟ .

فالجواب : أنَّهم لما ملكوا جنات كثيرة ، فكلما أرادوا أن ينتقلوا من جنة إلى أخرى قيل لهم : { ادخلوها بِسَلامٍ آمِنِينَ } .


[19544]:ينظر: البحر 5/445، والدر المصون 4/298.
[19545]:ينظر: الإتحاف 2/176، البحر 5/445، والقرطبي 10/23، والدر المصون 4/298.
[19546]:سقط من: ب.
[19547]:في ب: حكى.