اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَنَصَرۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمَ سَوۡءٖ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (77)

قوله :{ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القوم } فيه أوجه :

أحدها : أن يُضمن «نَصَرْنَاهُ » معنى منعناه وعصمناه ، ومثله { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ الله }{[29051]} فلما تضمن معناه تعدى تعديته{[29052]} .

والثاني أن ( نصر ) مطاوعه ( انتصر ) فتعدى تعدية ما طاوعه ، قال الزمخشري هو نصر الذي نطاوعه انتصر ، وسمعت هذليا يدعو على سارق اللهم انصرهم منه أي : اجعلهم منتصرين منه{[29053]} . ولم يظهر فرق بالنسبة إلى التضمين المذكور فإن معنى قوله : منتصرين منه أي : ممتنعين أو معصومين منه .

الثالث : أن «مِنْ » بمعنى «عَلَى » أي : على القوم{[29054]} ، ( وقرأ أبي «ونَصَرْنَاهُ عَلَى القَوْمِ » ){[29055]} {[29056]} . قال المبرد : ونصرناه من مكروه القوم{[29057]} .

قال تعالى : { فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ الله }{[29058]} . والمعنى منعناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا أن يصلوا إليه بسوء { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ } لتكذيبهم{[29059]} له وردهم عليه { فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } فخلصه منهم بذلك .


[29051]:[غافر:29].
[29052]:انظر التبيان 2/923، البحر المحيط 6/330.
[29053]:الكشاف 3/17.
[29054]:انظر التبيان 2/923، البحر المحيط 6/330.
[29055]:انظر الفخر الرازي 22/194.
[29056]:ما بين القوسين سقط من ب.
[29057]:انظر الفخر الرازي 22/194.
[29058]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 22/194-195.
[29059]:في ب: كتكذيبهم. وهو تحريف.