اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلُوطًا ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗا وَنَجَّيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعۡمَلُ ٱلۡخَبَـٰٓئِثَۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمَ سَوۡءٖ فَٰسِقِينَ} (74)

قوله تعالى : { وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } الآية .

في الواو في قوله{[29020]} : { وَلُوطاً } قولان :

أحدهما : قال الزجاج : إنَّه عطف على قوله { وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ }{[29021]} .

والثاني : قال أبو مسلم : إنه عطف على قوله { آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ }{[29022]} ولا بُدَّ من ضمير في قوله : { وَلُوطاً } كأنه قال : وآتينا لوطاً{[29023]} ، فهو منصوب بفعل مقدر يفسره الظاهر بعده تقديره : وآتينا لوطاً آتيناه ، فهي من الاشتغال{[29024]} والنصب في مثله هو الراجح ، ولذلك لم يقرأ به لعطف جملته على جملة فعلية وهو أحد المرجحات{[29025]} .

وقيل : إنَّ «لُوطاً » منصوب ب ( اذكر ){[29026]} لوطاً .

{ آتَيْنَاهُ حُكْماً } أي : الحكمة ، أو الفصل{[29027]} بين الخصوم بالحق ، وقيل : النبوة{[29028]} { وَعِلْماً } قيل : أدخل التنوين على الحكم والعلم{[29029]} دلالة على علو شأن ذلك الحكم وذلك العلم{[29030]} .

قوله : { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ القرية } أي : من أهل ، يدل على ذلك قوله : { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ } وكذلك أسند عمل الخبائث إليها ، والمراد أهلها يريد سدوساً{[29031]} .

والخبائث صفة لموصوف محذوف أي : يعمل الأعمال لخبائث{[29032]} ، كانوا يأتون الذكران في أدبارهم ، ويتضارطون في أنديتهم مع أشياء أُخَر كانوا يعلمون من المنكرات { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ }


[29020]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخرالرازي 22/192.
[29021]:معاني القرآن وإعرابه 3/398.
[29022]:الآية [51] من السورة نفسها.
[29023]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 22/192.
[29024]:انظر معاني القرآن للفراء 2/207، معاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/398. ومشكل إعراب القرآن 2/85، البيان 2/163، التبيان 2/922، البحر المحيط 6/329.
[29025]:وذلك أنه من الأمور التي يترجح فيها نصب الاسم المشغول عنه أن يقع الاسم بعد عاطف غير مفصول بأما مسبوق بفعل غير مبني على اسم، كقام زيد وعمرا أكرمته، ورجح النصب طلبا للمناسبة بين الجملتين، لأنّ من نصب فقد عطف فعلية على فعلية، ومن رفع فقد عطف اسمية على فعلية، وتناسب المتعاطفين أحسن من تخالفهما، وإلى هذا الموضع يشير ابن مالك: وبعد عاطف بلا فصل على *** معمول فعل مستقر أوّلا انظر شرح الأشموني 2/79.
[29026]:انظر معاني القرآن للفراء 2/208، معاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/399. والبيان 2/163، والتبيان 2/923.
[29027]:في ب: والفصل.
[29028]:انظر الفخر الرازي 22/192.
[29029]:في ب: على العلم والحكم.
[29030]:انظر الفخر الرازي 22/192.
[29031]:سُدوم: مدينة من مدائن قوم لوط – عليه السلام – كان قاضيها يقال له سدوم . معجم البلدان 3/200، المنجد في الأعلام (298).
[29032]:انظر البحر المحيط : 6/330.