قوله تعالى :{ وَلِسُلَيْمَانَ الريح } العامة على النصب ، أي : وسخرنا لسليمان ، فهي منصوبة بعامل مقدر{[29193]} . وقرأ ابن هرمز وأبو بكر عن عاصم في رواية بالرفع على الابتداء ، والخبر الجار قبله{[29194]} . وقرأ الحسن وأبو رجاء بالجمع والنصب . وأبو حيوة بالجمع والرفع{[29195]} . وتقدم الكلام على الجمع والإفراد في البقرة{[29196]} ، وبعض هؤلاء قرأ في سبأ{[29197]} وكذلك كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
قوله : «عَاصِفَةً » حال ، والعامل فيها على قراءة من نصب «سَخَّرْنَا » المقدر ، وفي قراءة من رفع الاستقرار الذي تعلق به الخبر{[29198]} . يقال : عَصَفتِ الرِّيْحُ تَعْصِفُ عَصْفاً وعُصُوفاً ، فهي عَاصِفٌ وعَاصِفَةٌ . وأسد تقول : أَعصَفَتِ بالألف تعصف ، فهي{[29199]} مُعْصِفٌ ومَعْصِفَةٌ{[29200]} . والريح تذكر وتؤنث{[29201]} . والعاصفة : الشديدة الهبوب . فإن قيل : قد قال{[29202]} في موضع آخر { تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً }{[29203]} والرخاء : اللين قيل : كانت الريح تحت أمره ، إن أراد أن تشتد اشتدت ، وإن أراد أن تلين لانت{[29204]} .
فإن قيل : قال في داود : { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الجبال } ، وقال في حق سليمان { وَلِسُلَيْمَانَ الريح }{[29205]} فذكر في حق داود بكلمة مع وفي حق سليمان باللام وراعى{[29206]} هذا الترتيب أيضاً في قوله { يا جبال أَوِّبِي مَعَهُ }{[29207]} وقال : { فَسَخَّرْنَا{[29208]} لَهُ الريح تَجْرِي بِأَمْرِهِ }{[29209]} فما الفائدة في تخصيص داود بلفظ مع ، وسليمان باللام ؟
فالجواب : يحتمل أنّ الجبل لما اشتغل بالتسبيح حصل له نوع شرف فما أضيف بلام التمليك ، وأما الريح فلم يصدر منه إلا ما يجري مجرى الخدمة فلا جرم أضيف إلى سليمان بلام التمليك وهذا جواب إقناعي{[29210]} .
قوله : «تَجْرِي » يجوز أن تكن حالاً ثانية ، وأن تكون حالاً من الضمير في «عَاصِفَة » فتكون حالين متداخلين{[29211]} . وزعم بعضهم{[29212]} : أَنَّ «الَّتِي بَارَكْتَا ( فِيهَا » صفة للريح ، وفي الآية تقديم وتأخير ، والتقدير : الريح التي باركنا فيها ){[29213]} إلى الأرض . وهو تعسف . والمراد بقوله : { إِلَى الأرض التي بَارَكْنَا فِيهَا } بيت المقدس{[29214]} . قال الكلبي : كان{[29215]} سليمان -عليه السلام{[29216]}- وقومه يركبون{[29217]} عليها من إصطخر{[29218]} إلى الشام{[29219]} ، وإلى حيث شاء ، ثم يعود إلى منزله .
ثم قال : { وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } وكنا بكل شيء عملناه عالمين بصحة التدبير فيه ، علمنا أنما نعطي سليمان من تسخير الريح وغيره يدعوه إلى الخضوع لربه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.