اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَمَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَمَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (64)

قوله : { أَمَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعيدُهُ } لما عدد نعم الدنيا أتبع ذلك بنعم الآخرة ، وهي لا تتم إلا بالإعادة بعد الابتداء والإبلاغ إلى حد التكليف ، فقد تضمن الكلام كل نعم الدنيا والآخرة ، وهي لا تتمّ إلا بالإرزاق ، فلذلك قال : { وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السماء والأرض }{[39314]} «مِنَ السَّمَاءِ » : المطر ، ومن الأرض : النبات ، { أإله مَّعَ الله قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ } حجتكم على قولكم : إن مع الله إلهاً آخر ، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ولا برهان لكم فإذاً أنتم مبطلون .

فإن قيل : كيف قيل لهم : أم من يبدؤ الخلق ثم يعيده ، وهم ينكرون الإعادة ؟ فالجواب : كانوا معترفين بالابتداء ، ودلالة الابتداء على الإعادة دلالة ظاهرة قوية ، فلما كان الكلام مقروناً بالدلالة الظاهرة ، صاروا كأنهم لم يبق لهم عذر في الإنكار{[39315]} .


[39314]:انظر الفخر الرازي 24/210.
[39315]:انظر الفخر الرازي 24/211.