ثم إنه تعالى حكى عنهم شبهة أخرى متعلقة بأحوال الدنيا وهي قولهم :
{ إن نَتَّبع الهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ من أرْضِنَا }{[40576]} ، قال المبرد : الخطف الانتزاع بسرعة{[40577]} نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنَّا لنعلم أنَّ الذي تقوله حقٌّ ولكنا إن اتَّبعناك على دينك خفنا أن تخرجنا العرب من أرضنا مكة ، فأجاب الله{[40578]} عنه من وجوه الأول : قوله : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَماً آمِناً } ، أي أعطاكم مسكناً لا خوف لكم فيه ، إما لأن العرب يحترمون الحرم ولم يتعرضوا لسكانه ، فإنه يروى أن العرب خارجة الحرم كانوا لا يتعرَّضون لسكان الحرم{[40579]} .
قوله : «نُتَخَطَّفُ » العامة على الجزم جواباً للشرط ، والمنقريّ بالرفع{[40580]} ، على حذف الفاء ، كقوله :
4013 - مَنْ يَفْعَلِ الحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا{[40581]} *** . . .
وكقراءة «يُدْرِكُكُمْ »{[40582]} بالرفع{[40583]} ، أو على التقديم وهو مذهب سيبويه{[40584]} .
قوله : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَماً } قال أبو البقاء عدَّاه بنفسه لأنه بمعنى «جَعَل » وقد صرحَّ به في قوله { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً }{[40585]} [ العنكبوت : 67 ] و «مَكَّنَ » متعد بنفسه من غير أن يضمَّن معنى «جَعَلَ » كقوله «مَكَّنَّاهُمْ »{[40586]} ، وتقدم تحقيقه في الأنعام وآمناً قيل بمعنى مؤمن أي : يؤمن من دخله{[40587]} ، وقيل : هو على حذف مضاف ، أي : آمناً أهله ، وقيل فاعل بمعنى النسب أي ، ذا أمن{[40588]} .
قوله : «يُجْبَى » قرأ نافع بتاء التأنيث مراعاة للفظ ثمرات ، والباقون بالياء{[40589]} للفصل ولأن تأنيثه مجازي والجملة صفة ل «حَرَماً » أيضاً{[40590]} ، وقرأ العامة «ثَمَرَاتُ » بفتحتين{[40591]} وأبان بضمتين{[40592]} جمع ثُمُر بضمتين ، وبعضهم بفتح وسكون{[40593]} .
قوله : «رِزقاً » إن جعلته مصدراً جاز انتصابه على المصدر المؤكِّد ، لأن معنى «يُجبَى إليه » يرزقهم وأن ينتصب على المفعول له{[40594]} ، والعامل محذوف ، أي يسوقه{[40595]} إليه رزقاً ، وأن يكون في موضع الحال من «ثَمَراتٍ » لتخصصها بالإضافة ، ( كما ينتصب عن النكرة المخصصة ){[40596]} ، وإن جعلته اسماً للمرزوق{[40597]} انتصب على الحال من «ثَمَرات »{[40598]} ومعنى «يُجْبَى » ، أي يجلب ويجمع ، يقال : جبيت الماء في الحوض أي : جمعته{[40599]} قال مقاتل : يحمل إلى الحرم { ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَدُنَّا ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أن ما نقوله حق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.