قوله تعالى : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } أي : أحببت هدايته ، وقيل : أحببته لقرابته . قال المفسرون : «نزلت في أبي طالب قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - قل : لا إلَه إلاَّ الله أشهد لك بها يوم القيامة . قال : لولا أن تعيِّرني قريش- تقول : إنما حمله على ذلك الجزع- لأقررت بها عينيك » ، فأنزل الله هذه الآية{[40565]} .
قال في هذه الآية : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَاءُ } ، وقال في آية أخرى { وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الشورى : 52 ] . ولا تنافي فإن الذي أثبته وأضافه إليه الدعوة ، والذي نفاه عنه هداية التوفيق وشرح الصدور ؛ وهو نور يقذف في القلب فيحيى به القلب ؛ كما قال{[40566]} سبحانه { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي الناس }{[40567]} [ الأنعام : 122 ] .
احتج أهل السنة بهذه الآية في مسألة الهدى والضلال ؛ فقالوا : قوله : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَاءُ } يقتضي أن تكون الهداية في الموضعين بمعنى واحد ؛ لأنه لو كان المراد من الهداية في قوله { إنَّكَ لاَ تَهْدِي } شيئاً ، وفي قوله : { ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَاءُ } شيئاً آخر لاختلّ النظم . ثم إما أن يكون المراد من الهداية بيان الأدلة والدعوة إلى الجنة ، أو تعريف طريق الجنة ، أو خلق المعرفة على سبيل الإلجاء ، ( أو خلق المعرفة في القلوب لا على سبيل الإلجاء ){[40568]} . لا جائز أن يكون المراد ( بيان الأدلة ، لأنه عليه السلام هدى الكل بهذا المعنى فهي غير ){[40569]} الهداية التي نفى الله عمومها ، وكذا القول في الهداية بمعنى الدعوة إلى الجنة ، وأما الهداية بمعنى تعريف الجنة فهي أيضاً غير مرادة ؛ لأنه تعالى علَّق هذه الهداية على المشيئة . فمن وجب عليه أداء عشرة دنانير لا يقول أعطي عشرة دنانير إن شئت . وأما الهداية بمعنى الإلجاء والقسر فغير جائز ؛ لأن ذلك عندهم قبيح من الله تعالى في حق المكلف . وفعل القبيح مستلزم{[40570]} للجهل أو الحاجة وهما محالان ، ومستلزم{[40571]} المحال محال . فذلك محال من الله والمحال لا يجوز تعليقه على المشيئة . ولما بطلت الأقسام لم يبق إلاَّ أن المراد أنه تعالى يخصُّ البعض بخلق الهداية والمعرفة ويمنع البعض منها { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } [ الأنبياء : 3 ] . وإذا أورد الكلام{[40572]} على هذا الوجه سقط ما أورده{[40573]} القاضي عذراً عن ذلك{[40574]} .
قوله : { وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين } أي أنه المختص بعلم الغيب فيعلم من{[40575]} يهتدي ومن لا يهتدي ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.