قوله : { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ } أي نَفْسٌ وازة بحذف الموصوف للعمل به{[45199]} . ومعنى «تَزِرُ » تحمل ، أي لا تحمل نَفْسٌ حاملةٌ حِمْلَ نَفْسٍ أخرى .
قوله : { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ } أي نفس مثقلة{[45200]} بالذنوب نفساً إلى حملها فحذف المفعول به للعلم{[45201]} به . والعامة «لا يُحْمَلُ » مبنياَ للمفعول و «شَيْءٌ » قائم مقام الفاعل ، وأبو السَّمَّال وطلحةُ- وتُرْوى عن الكسائي - بفتح التاء من فوق وكسر{[45202]} الميم : أسند الفعل إلى ضمر النفس المحذوفة التي هي مفعولة «لِتَدْعُ » أي لا تَحْمِلُ تلك النفسُ الدَّعْوَة ( و ) شيئاً مفعول «بلاَ تَحْمِلْ »{[45203]} .
قوله : { وَلَوْ كَانَ ذَا قربى } أي ولو كان المَدْعو ذَا قُرْبَى{[45204]} ، وقيل التقدير ولو كان الدَّاعِي ذَا قربى{[45205]} ، والمعنيان حَسَنَان ، وقرئ : «ذُو » بالرفع على أنها التامة أي ولو حَضَرَ ذُو قُربى نحوك قَدْ كان من مَطَرْ{[45206]} ، { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ } [ البقرة : 280 ] قال الزمخشري : ونظم الكلام أحسن ملاءمةً للنَّاقِصَةِ لأن المعنى على أن المثقلة إذا دعت أحداً إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان مَدْعُوهَا ذا قربى وهو ملتئم ولو قلت : ولو وُجِدَ ذو قربى لخرج عن التئامه{[45207]} ، قال أبو حيان : وهو ملتئم على المعنى الذي ذكرناه{[45208]} قال شهاب الدين : والذي قال هو ولو حضر إذْ ذاكَ ذُو قربى{[45209]} ثم قال : وتفسيره «كان » وهو مبني للفاعل ب «وُجِدَ » وهو مبني للمفعول تفسير معنى والذي يفسر النَّحْويُّ به كان التامة نحو : حَدَثَ وحَضَرَ ووَقَعَ{[45210]} .
المعنى وإنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ بذنوبها غيرَها إلى حِمْلها أي يَحَمِلُ ما عليه من الذنوب لا يُحْمَل منْه شَيْءٌ ولو كان المَدْعو ذا قَرَابة له ابنَة أو أبَاه أو أمَّة أو أَخَاه . قال ابن عباس : يَلْقَى الأبُ أو الأمُّ ابنه فيقول يا بني احْمِلْ عني بَعْضَ ذُونُوبي فيقول لا أستطيع حَسْبِي ما عَلَيَّ{[45211]} .
قوله : { إِنَّمَا تُنذِرُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بالغيب } ولم يروه . قال الأخفش : تأويله إنذارك إنما ينفع الذين يخشون ربهم بالغيب{[45212]} .
قوله : «بالغيب » حال من الفاعل أي يَخْشَوْنَه غائبين عنه . أو من المفعول أي غائباً عنهم{[45213]} وقوله : { الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بالغيب وَيقيمُون الصلاة } في المعنى{[45214]} .
قوله : { وَمَن تزكى } قرأ العامة «تَزَكَّى » تَفَعَّلَ «فَإنما يَتَزَكَّى » يتفعل . وعن أبي عمرو «ومَنْ يَزَّكَّى فَإنَّما يَزَّكَّى » والأصل فيهما يَتَزَكَّى فأدغمت التاء في الزاي كما أدغمت في الدال نحو «يَذَّكَّرُونَ » في «يتَذَكَّرُونَ »{[45215]} وابن مسعود وطلحة : «وَمَن ازَّكَّى » والأصل{[45216]} تَزَكَّى فأُدغِمَ ( باجْتلابِ همزة{[45217]} الوصل «فَإنَّمَا يَزَّكَّى » أصله «يَتَزكَّى فأُدْغِمَ » كأبي عمرو في غير المشهور عنه .
معنى «ومَنْ تزكَّى » صلى وعمل خيراً «فإنَّما يَتَزكَّى لِنَفْسِهِ » لها ثوابه{[45218]} «وَإلَى اللَّهِ المَصِيرُ » أي التزكي إن لم تظهر فائدته عاجلاً فالمصيرُ إلى الله يظهر عنده يوم القيامة في دار البقاء . والوازرُ إنْ لم تظهر تبعةُ وِزْرِهِ في الدنيا فهي تظهر في الآخرة إذ المصيرُ إلى الله . ثم لما بين الهدى والضلالة ولم يهتد الكافر وهدى الله المؤمن ضرب له مثلاً بالبصير والأعمى فالمؤمن بصير حيث أبصر الطريق الواضح والكافر أعْمَى{[45219]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.