اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (48)

قوله : { وَيَقُولُونَ متى هَذَا الوعد } أي : القيامة والبعث «إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ » وهذا إشارة إلى ما اعتقدوا أن التقوى المأمور بها في قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا } [ يس : 45 ] والإنفاق المذكور في قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ انفقوا } [ يس : 45 ] لا فائدة فيه ؛لأن الوعد لا حقيقة له وقولهم : «مَتَى هَذَا الوَعْدُ » أي : متى يقع المَوْعُودُ به .

فصل :

«إنْ » للشرط وهي تستدعي جزاء{[46335]} ، و «متى » استفهام لا تصلح جواباً فيه فما الجواب ؟ .

قيل : هو في صورة الاستفهام وهو في المعنى إنكار كأنهم قالوا : إن كنتم صادقين في وقوع الحشر فَقُولُوا متى يكون .

فصل :

الظاهر أن هذا الخطاب مع الأنبياء لأنهم لما أنكروا الرسالة قالوا إن كنتم أيها المُدَّعونَ للرسالة صادقين فأخبرونا متى يكون ما تَعِدُونَنَا به .

فإن قيل : ليس في هذا الموضع وعد فالإشارة بقوله : «هَذَا الوَعْد » إلى أي وعد ؟

فالجواب : هو ما في قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } [ يس : 45 ] من قيام الساعة ، أو نقول : هو معلوم وإن لم يكن مذكوراً لكون الأنبياء مقيمين على تذكيرهم بالساعة والحساب{[46336]} والثواب والعقاب .


[46335]:أو جوابا فكلاهما صحيحان.
[46336]:وقد قال بهذه الأقوال كلها الإمام العلامة فخر الدين في التفسير الكبير 26/86.