اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمۡ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (177)

قوله : { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } : العامة على نَزَل مبنياً للفاعل ، وعبدُ اللَّهِ مبنياً للمفعول ، والجارّ قائم مَقَام فاعله .

والساحة الفناء الخالِي من الأبنية وجمعها سُوح فألفها عن واوٍ فيُصغَّر على سُوَيْحَةٍ قال الشاعر :

فَكَانَ سِيَّانِ أَنْ لاَ يَسْرَحُوا نَعَماً*** أَوْ يَسْرَحُوهُ بِهَا وَاغْبَرَّتِ السُّوحُ

وبهذا يتبين ضعف قول الراغب : إنها من ذَواتِ اليَاء حيث عدها في مادة سيح ، ثم قال : الساحة المكان الواسع ومنه : ساحة الدار . والسائح الماء الجاري في الساحة ، وسَاحَ فلانٌ في الأرْض مَرَّ مَرَّ السائح . ورجل سَائِحٌ وَسيَّاح انتهى . ويحتمل أنْ يَكون لها مادَّتَانِ لكن كان ينبغي أن يذكر ما هي الأشهر أو يذكرهما معاً .

قوله تعالى : { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } يعني العذاب بساحَتِهِمْ ، قال مقاتل : بحَضْرَتِهِمْ . وقيل : بعِتابهم .

قال الفراء : العرب تكتفي بذكر الساحة عن القوم { فَسَآءَ صَبَاحُ المنذرين } فبئس صَبَاح الكَافرين الذين أُنْذِرُوا بالعذاب . لما خرج - عليه ( الصَّلاَةُ و ) السلام - إلى خَيْبَرَ أتاها ليلاً ، وكان إذا جَاء قوماً بلَيْلٍ لم يَغْزُ حتى يُصْبحَ فلما أصبح خرجت يهودُ ( خَيْبَرَ ) بمَسَاحِيها ومَكَاتِلِهَا ، فلما رأوه قالوا : مُحَمَّد واللَّهِ مُحَمَّد والخميس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُ أكبرُ خَرِبَتُ خَيْبَر إنَّا إذا نَزَلْنَا بسَاحَةِ قوْمِ فساء صباح المنذرين " .